للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذه قاعدة عامة تنضوى تحتها حركات الكواكب والأفلاك ونظم العمران وأعمال الأفراد والأمم.

وقصارى ذلك- إن أمر محمد صلّى الله عليه وسلّم سيصل إلى غاية يتبين عندها أنه الحق، وأن ما سواه هو الباطل، فقد جرت سنة الله بأن الحق يثبت، والباطل يزهق بحسب ما وضعه فى نظم الخليقة (البقاء للأصلح) .

ثم ذكر أنهم فى ضلال بعيد، فإن ما جاء فى القرآن من أخبار الماضين قد كان فيه مزدجر لهم لو كانوا يعقلون، قال:

(وَلَقَدْ جاءَهُمْ مِنَ الْأَنْباءِ ما فِيهِ مُزْدَجَرٌ) أي ولقد جاء هؤلاء المشركين الذين كذبوا بك واتبعوا أهواءهم- من الأخبار عن الماضين الذين كذبوا الرسل فأحل الله بهم من العقوبات ما قصه فى كتابه- ما يردعهم ويزجرهم عما هم فيه من القبائح، إذ أبادهم فى الدنيا وسيعذبهم يوم الدين جزاء وفاقا لما دنسوا به أنفسهم من الشرك بربهم وعصيان رسله، واجتراحهم للسيئات.

ثم بين الذي جاءهم به فقال:

(حِكْمَةٌ بالِغَةٌ) أي هذه الأنباء غاية الحكمة فى الهداية والإرشاد إلى طريق الحق لمن اتبع عقله وعصى هواه.

(فَما تُغْنِ النُّذُرُ) أي إن النذر لم يبعثوا ليلجئوا الناس إلى قبول الحق، وإنما أرسلوا مبلغين فحسب فليس عليك ولا على الأنبياء قبلك الإغناء والإلجاء إلى اتباع سبيل الهدى، فإذا بلّغت فقد أتيت بما عليك من الحكمة البالغة التي أمرت بها فى نحو قوله «ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ» وتول عنهم بعدئذ.

ونحو الآية قوله «فَإِنْ أَعْرَضُوا فَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً» .

ثم أمر رسوله ألا يجادلهم ولا يناظرهم فإن ذلك لا يجدى نفعا فقال:

(فَتَوَلَّ عَنْهُمْ) أي فأعرض عن هؤلاء المشركين المكذبين ولا تحاجهم،

<<  <  ج: ص:  >  >>