ثم بين أن هذا هو الجزاء العادل على سوء صنيعهم، وكفرهم بربهم فقال:
(جَزاءً لِمَنْ كانَ كُفِرَ) أي فعلنا ذلك بهم جزاء كفرهم بآياتنا، وجحودهم بنعمائنا، وتكذيبهم برسولنا.
ثم ذكر أنه أبقى السفينة عبرة لمن بعدهم على كر الدهور والأعوام فقال:
(وَلَقَدْ تَرَكْناها آيَةً) أي ولقد جعلنا السفينة التي حملنا فيها نوحا ومن معه- عبرة لمن بعده من الأمم، ليدبروا ويتعظوا، ويرعووا أن يسلكوا مسلكهم وينهجوا نهجهم فى الكفر بالله وتكذيب رسله، فيصيبهم مثل ما أصابهم من العقوبة وقد رووا أن الله حفظها آمادا طويلة بأرض الجزيرة على جبل الجودىّ. وقال قتادة: أبقاها الله بباقر دى من أرض الجزيرة حتى أدركتها أوائل هذه الأمة.
(فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ؟) أي فهل من معتبر بتلك الآية الحريّة بالاعتبار، الجديرة بطويل التفكير والتأمل فى عواقب المكذبين برسل الله، الجاحدين بوحدانيته، المتخذين له الأنداد والأوثان.
ثم بين سبحانه شديد نكاله وعقابه فقال:
(فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ؟) أي ما أشد ما أنزلته بهم من البوار والهلاك، وما أفظع إنذارى لهم بما أحللته بهم من النقمة بعد النعمة، وهكذا عاقبة كل مكذب جبار.
ولا يخفى ما فى هذا من شديد الوعيد، وعظيم التهديد، لكل باغ عنيد، ساخط على الرسل، مكذب بربه.
والخلاصة- انظر كيف كان عذابى لمن كفر بي، وكذب رسلى، وكيف انتصرت لهم، وأخذت أعداءهم بما يستحقون؟.