(إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ) أي إنا بعثنا إلى عاد إذ تمادوا فى طغيانهم وكفرهم بربهم ريحا شديدة العصوف فى برد، لصوتها صرير، فى زمن شؤم ونحس عليهم، إذ ما زالت مستمرة حتى أهلكتهم.
«سَخَّرَها عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيالٍ وَثَمانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً» أي متتابعة. وما روى من شؤم بعض الأيام فلا يصح شىء منه، فالأيام كلها لله، لا ضرر فيها لذاتها، ولا محذور منها، ولا سعد فيها ولا نحس، فما من يوم يمر إلا وهو سعد على قوم ونحس على آخرين، باعتبار ما يحدثه الله فيه من الخير والشر لهم، فكل منها يتصف بالأمرين:
ألا إنما الأيام أبناء واحد ... وهذى الليالى كلها أخوات
وتخصيص كل يوم بعمل كما يزعم بعض الناس وينسبون فى ذلك أبياتا إلى على كرم الله وجهه، لا يصح منه شىء، وإنما هو نزغات شيعيّة لا تستند إلى ركن من الدين ركين.
(تَنْزِعُ النَّاسَ كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ) أي تقتلعهم حتى يصيروا كأنهم أعجاز نخل قد انقلع من مغارسه فى الأرض.
وفى الآية إيماء إلى أن الريح كانت تقتلع رءوسهم فتبقى الأجسام ولا رءوس لها، وإلى أنهم كانوا ذوى جثث عظام طوال كالنخل، وإلى أنهم أعملوا أرجلهم فى الأرض وقصدوا بذلك مقاومة الريح، وإلى أن الريح جعلتهم كأنهم خشب يابسة لشدة بردها.
ثم هوّل من أمر العذاب والإنذار بعد بيانهما فقال:
(فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ) أي فانظروا كيف كان عذابى وإنذارى، وقد كرره تعظيما لشأنه، وهذه سنة فى بليغ الكلام، فى باب النصح والإرشاد، وباب