وبعد أن ذكر حال المحتضرين فى الدنيا أردفها ذكر حالهم بعد الوفاة وقسمهم أزواجا ثلاثة فقال:
(١)(فَأَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ. فَرَوْحٌ وَرَيْحانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمٍ) أي فإن كان المتوفّى من الذين قرّبهم ربهم من جواره فى جناته، لفعله ما أمر به، وتركه ما نهى عنه، فراحة واطمئنان لنفسه، ورزق واسع من عنده، وتبشره الملائكة بجنات النعيم،
وقد جاء فى حديث البراء بن عازب:«إن ملائكة الرحمة تقول: أيتها الروح الطيبة فى الجسد الطيب، كنت تعمرينه، فاخرجى إلى روح وريحان، ورب غير غضبان» .
(٢)(وَأَمَّا إِنْ كانَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ. فَسَلامٌ لَكَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ) أي وإن كان المتوفّى من أصحاب اليمين فتبشره الملائكة وتقول له: سلام لك من إخوانك أصحاب اليمين.
(٣)(وَأَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ. فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ) أي وإن كان المتوفى من المكذبين بالحق، الضالين عن الهدى، فيقدم ضيافة له ماء حميم يصهر به ما فى بطنه والجلود، ويدخل فى النار التي تغمره من جميع جهاته.
(إِنَّ هذا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ) أي إن هذا الذي ذكر فى هذه السورة من أمر البعث الذي كذبوا به، ومن قيام الأدلة عليه، ومن حال المقربين وأصحاب اليمين، وحال المكذبين الضالين- لهو حق الخبر اليقين الذي لا شك فيه، لتظاهر الأدلة القاطعة عليه، كأنه مشاهد رأى العين.
(فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ) أي فبعد أن استبان لك الحق، وظهر لك اليقين، فنزه ربك عما لا يليق به، مما ينسبه الكفار إليه، تعالى عن ذلك علوا كبيرا.