(وَفِي الْآخِرَةِ عَذابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوانٌ) أي وفى الآخرة إما عذاب شديد دائم لمن انهمك فى لذاتها، وأعرض عن صالح الأعمال، ودسّى نفسه بالشرك والآثام، وإما مغفرة من الله ورضوان من لدنه لمن زكّى نفسه وأخبت لربه وأناب إليه:
قدّم لرجلك قبل الخطو موضعها ... فمن علا زلقا عن غرّة زلجا
(وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا مَتاعُ الْغُرُورِ) أي وما هذه الحياة الدنيا إلا متاع فان زائل خادع، من ركن إليه، واغترّ به وأعجبه، حتى اعتقد أن لا دار سواها، ولا معاد وراءها.
ولما أبان أن الآخرة قريبة، وفيها العذاب الأليم، والنعيم المقيم- حث على المبادرة إلى فعل الخيرات فقال:
(سابِقُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُها كَعَرْضِ السَّماءِ وَالْأَرْضِ) أي سابقوا أقرانكم فى مضمار الأعمال الصالحة، وأدّوا ما كلفتم به من أوامر الشريعة، واتركوا نواهيها- يدخلكم ربكم بما قدّمتم لأنفسكم، جنة سعتها كسعة السموات والأرض.
ثم بين المستحقين لها فقال:
(أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ) أي هيئت للذين اعترفوا بوحدانية الله وصدقوا رسله.
ثم بين أن هذا فضل منه ورحمة فقال:
(ذلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ) أي هذا الذي أعده الله لهم هو من فضله ورحمته ومنته عليهم.
وفى الصحيح «أن فقراء المهاجرين قالوا: يا رسول الله، ذهب أهل الدّثور (الأموال) بالأجور، والدرجات العلى، والنعيم المقيم، قال وما ذاك؟ قالوا يصلون كما نصلى، ويصومون كما نصوم، ويتصدقون ولا نتصدق، ويعتقون ولا نعتق، قال: