(٣) يقدمون ذوى الحاجة على أنفسهم، ويبدءون بسواهم قبلهم، حتى إن من كان عنده امرأتان ينزل عن إحداهما ويزوجها واحدا من المهاجرين.
أخرج البخاري ومسلم والترمذي والنسائي عن أبى هريرة قال: «أتى رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أصابنى الجهد، فأرسل إلى نسائه فلم يجد عندهن شيئا، فقال عليه الصلاة والسلام: ألا رجل يضيف هذا الرجل الليلة رحمه الله؟ فقال أبو طلحة أنا يا رسول الله، فذهب إلى أهله فقال لامرأته أكرمى ضيف رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالت والله ما عندى إلا قوت الصبية، قال إذا أراد الصبية العشاء فنوّميهم، وتعالى فأطفئى السراج ونطوى الليلة لضيف رسول الله ففعلت، ثم غدا الرجل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال عليه الصلاة والسلام: لقد عجب الله الليلة من فلان وفلانة وأنزل فيهما (وَيُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ) » .
ثم بين سوء عاقبة الشح فقال:
(وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) أي ومن يحفظوا أنفسهم من الحرص على المال والبخل به فأولئك هم الفائزون بكل مطلوب، الناجون من كل مكروه.
أخرج الترمذي وأبو يعلى وابن مردويه عن أنس مرفوعا «لا يجتمع غبار فى سبيل الله ودخان نار جهنم فى جوف عبد أبدا، ولا يجتمع الإيمان والشح فى قلب عبد أبدا» .
وأخرج أحمد والبخاري فى الأدب ومسلم والبيهقي عن جابر عن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«اتقوا الظلم، فإن الظلم ظلمات يوم القيامة، واتقوا الشح فإن الشح قد أهلك من كان قبلكم، حملهم على أن سفكوا دماءهم، واستحلوا محارمهم» .
وروى الأموى عن ابن مسعود أن رجلا أتاه فقال: إنى أخاف أن أكون قد هلكت، قال وما ذاك؟ قال: سمعت الله يقول (وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ) وأنا رجل