لم يراجع زوجته، ليمنعوها ميراثها، ودفعا للقيل والقال وتهمة الريبة، ومخافة أن تنكر المرأة الرجعة لتقضى عدتها، وتنكح زوجا غيره.
وهذا الإشهاد واجب عند الشافعي حين الرجعة، مندوب حين الفرقة، ويرى أبو حنيفة أن الرجعة لا تفتقر إلى الإشهاد كسائر الحقوق.
ثم خاطب الشهود زجرا لهم فقال:
(وَأَقِيمُوا الشَّهادَةَ لِلَّهِ) أي واشهدوا على الحق إذا استشهدتم، وأدوا الشهادة على الصحة إذا أنتم دعيتم إلى أدائها.
وإنما حث على أداء الشهادة، لما قد يكون فيه من العسر على الشهود، إذ ربما يؤدى ذلك إلى أن يترك الشاهد مهامّ أموره، ولما فيها من عسر لقاء الحاكم الذي تؤدّى عنده، وقد يبعد المكان، أو يكون للشاهد عوائق تحول بينه وبين أدائها.
(ذلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) أي هذا الذي أمرتكم به، وعرفتكم عنه من أمر الطلاق، والواجب لبعضكم على بعض حين الفراق أو الإمساك، عظة منا لمن كان يؤمن بالله واليوم الآخر، ليعمل على نهجها وطريقتها.
ثم أتى بجملة معترضة بين ما سلف وما سيأتى، لتأكيد ما سبق من الأحكام والخروج من مشاكلها بعد اتقاء الله فقال:
(وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً. وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ) أي ومن يخش الله فلا يطلق المرأة فى الحيض حتى لا تطول عدتها ولا يضارّ المعتدة فلا يخرجها من مسكنها، ويحتاط بالإشهاد حين الرجعة- يجعل الله له مخلصا مما عسى أن يقع فيه من الغم ويفرج عنه ما يعتريه من الكرب، ويرزقه من جهة لا تخطر بباله ولا يحتسبها.
والخلاصة- من اتقى الله جعل له مخلصا من غم الدنيا وهمّ الآخرة وغمرات الموت وشدائد يوم القيامة.