الثواب، ويدخلهم جنات تجرى من تحتها الأنهار كفاء ما أسلفوا فى الأيام الخالية.
وقد ورد فى الحديث:«سبعة يظلهم الله فى ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله- وذكر منهم: ورجلا دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال إنى أخاف الله، ورجلا تصديق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه» .
ثم نبه إلى أنه مطلع على السرائر فقال:
(وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ) أي إن عملكم وقولكم على أىّ سبيل وجد فالله عليم به، فدوموا أيها الخاشعون على خشيتكم، وأنيبوا أيها المفترون إلى ربكم، وكونوا على حذر من أمركم.
روى عن ابن عباس أنه قال:«كان المشركون ينالون من النبي صلى الله عليه وسلم فيوحى إليه بما قالوا فقال بعضهم لبعض: أسروا قولكم كيلا يسمع ربّ محمد فنزلت الآية» .
وقدم السر على الجهر للايذان بافتضاح أمرهم ووقوع ما يحذرون على كل حال أسروا أو جهروا، ولأن مرتبة السر مقدمة على مرتبة الجهر فما من شىء يجهر به إلا وهو أو مبادئه مضمر فى النفس.
وقوله «إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ» كالعلة والسبب لما قبله.
والخلاصة- إنه تعالى محيط بمضمرات النفوس وأسرارها الخفية المستكنة فى الصدور، فكيف لا يعلم ما تسرون وما تجهرون به؟.
ثم نصب الأدلة على إحاطة علمه بجميع الأشياء فقال:
(أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ) أي كيف لا يعلم السر والجهر من أوجد بحكمته، وواسع علمه، وعظيم قدرته، جميع الأشياء وهو النافذ علمه إلى ما ظهر منها وما بطن.
وكأنه سبحانه يقول: ألا يعلم سركم وجهركم، من يعلم الدقائق والخفايا، جملها وتفاصيلها؟.