قال مقاتل: لما نزلت هذه الآية قال كفار مكة للمسلمين: إن الله فضلنا عليكم فى الدنيا فلا بدّ أن يفضلنا عليكم فى الآخرة، فإن لم يحصل التفضيل فلا أقل من المساواة، فرد الله عليهم ما قالوا وأكد فوز المتقين بقوله:
(أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ؟) أي أفنحيف فى الحكم ونسوى بين هؤلاء وهؤلاء فى الجزاء، كلا ورب الأرض والسماء.
ثم عجّب من حكمهم واستبعده، وبين أنه لا يصدر من عاقل فقال:
(ما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ؟) أي ماذا حصل لكم من فساد الرأى وخبل العقل حتى قلتم ما قلتم؟
ثم سدّ عليهم طريق القول، وقطع عليهم كل حجة يستندون إليها فيما يدّعون فقال:
(أَمْ لَكُمْ كِتابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ. إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَما تَخَيَّرُونَ) أي أفبأيديكم كتاب نزل من السماء تدرسونه وتتداولونه، ينقله الخلف عن السلف، يتضمن حكما مؤكدا كما تدّعون، أن لكم ما تختارون وتشتهون، وأن الأمر مفوض إليكم لا إلى غيركم؟
وخلاصة هذا- أفسدت عقولكم حتى حكمتم بهذا، أم جاءكم كتاب فيه تخييركم وتفويض الأمر إليكم؟.
(أَمْ لَكُمْ أَيْمانٌ عَلَيْنا بالِغَةٌ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ إِنَّ لَكُمْ لَما تَحْكُمُونَ) أي أم معكم عهود منا مؤكدة لا نخرج من عهدتها إلى يوم القيامة أنه سيحصل لكم كل ما تهوون وتشتهون؟.
وخلاصة ذلك- أم أقسمنا لكم قسما إن لكم كل ما تحبون؟.
ثم طلب إلى رسوله صلى الله عليه وسلم أن يسألهم على طريق التوبيخ والتقريع فقال: