وقال مقاتل: هو عين يتسلسل عليهم ماؤها فى مجالسهم كيف شاءوا اه.
وهذا كله ما هو إلا أسماء لما هو شبيه بما فى الدنيا، وهناك ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، فالمعانى غير ما نعهد، والألفاظ لمجرد تخيل شىء مما نراه كما قال ابن عباس.
ثم ذكر أوصاف السقاة الذين يسقونهم ذلك الشراب فقال:
(وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدانٌ مُخَلَّدُونَ) أي يطوف على أهل الجنة للخدمة ولدان من ولدان الجنة يأتون على ما هم عليه: من الشباب والطراوة والنضارة، لا يهرمون ولا يتغيرون ولا تضعف أجسامهم عن الخدمة.
(إِذا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤاً مَنْثُوراً) أي إذا رأيت هؤلاء الولدان خلتهم لحسن ألوانهم، ونضارة وجوههم وانتشارهم فى قضاء حوائج سادتهم- كأنهم اللؤلؤ المنثور «واللؤلؤ المنثور أجمل فى النظر من اللؤلؤ المنظوم» ولأنهم إذا كانوا كذلك كانوا سراعا فى الخدمة.
وعن المأمون أنه قال ليلة زفّت إليه بوران بنت الحسن بن سهل، وهو على بساط منسوج من الذهب، وقد نثرت عليه نساء دار الخلافة اللؤلؤ، ونظر إليه فاستحسن ذلك المنظر: لله درّ أبى نواس كأنه أبصر هذا حيث قال:
كأن صغرى وكبرى من قواقعها ... حصباء در على أرض من الذهب
ولما ذكر نعيم أهل الجنة بما تقدم ذكر أن هناك أمورا أعلى وأعظم من ذلك فقال:
(وَإِذا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيماً وَمُلْكاً كَبِيراً) أي وإذا نظرت فى الجنة رأيت نعيما عظيما وملكا كبيرا لا يحيط به الوصف.
وقد اختلفوا فى المراد من هذا الملك الكبير، فقيل إن أدناهم منزلة من ينظر