للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتضطرب بسكانها، ولولاها لكانت دائمة الاضطراب لما فى جوفها من المواد الدائمة الجيشان، فلا تتم الحكمة فى كونها مهادا لهم.

(٣) (وَخَلَقْناكُمْ أَزْواجاً) أي وجعلناكم أصنافا ذكورا وإناثا، ليتم الائتناس والتعاون على سعادة المعيشة، وحفظ النسل وتكميله بالتربية والتعليم.

ونحو الآية قوله: «وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْها وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً» .

(٤) (وَجَعَلْنا نَوْمَكُمْ سُباتاً) أي وجعلنا نومكم فى الليل قطعا للمتاعب التي تكابدونها فى النهار، سعيا فى تحصيل أمور المعاش، فالمشاهد أن فى نوم بضع ساعات فى الليل راحة للقوى من تعبها، ونشاطا لها من كسلها، وإعادة لما فقد منها، ولولا ذلك لنفدت القوى، وانقطع المرء عن العمل فى شئون الحياة المختلفة.

(٥) (وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِباساً) أي وجعلنا الليل بظلامه ساترا للأجسام ومغطيا لها كاللباس الذي يغطى الجسم ويستره. ووجه المنة فى ذلك- أن ظلمته تستر الإنسان عن العيون إذا أراد هربا من عدوه أو إخفاء لما لا يحب أن يطلع عليه غيره، ولله درّ المتنبي:

وكم لظلام الليل عندك من يد ... تخبّر أنّ المانويّة تكذب «١»

(٦) (وَجَعَلْنَا النَّهارَ مَعاشاً) أي وجعلناه وقتا لتحصيل أسباب المعاش، لأن الناس يتقلبون فيه فى حوائجهم ومكاسبهم.

(٧) (وَبَنَيْنا فَوْقَكُمْ سَبْعاً شِداداً) أي سبع سموات قوية الأسر، محكمة النسج والوضع، لا يؤثر فيها كرّ الغداة ولا مر العشى، ليس بها تصدّع ولا فطور.

(٨) (وَجَعَلْنا سِراجاً وَهَّاجاً) أي وأنشأنا الشمس سراجا متلألئا بالغا الغاية فى الضوء والحرارة.


(١) المانوية: طائفة تعتقد أن الخير من النهار والشر من الليل.

<<  <  ج: ص:  >  >>