(كِتابٌ مَرْقُومٌ يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ) أي إن كتابهم فى هذا السجلّ الكبير الذي يشهده المقربون من الملائكة، فكما وكل سبحانه أمر اللوح المحفوظ إليهم، وكل إليهم حفظ كتاب الأبرار.
وقد يكون المراد- إنهم ينقلون ما فى تلك الصحائف إلى ذلك الكتاب الذي وكلوا بحفظه، ويصير علمهم شهادة لهؤلاء الأبرار.
وبعد أن بين منزلة كتاب الأبرار- أخذ يفصل حال الأبرار فقال:
(إِنَّ الْأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ) أي إن البررة المطيعين لربهم، الذين يؤمنون بالبعث والحساب، ويصدقون بما جاء على لسان رسوله- لفى لذة، وخفض عيش، وراحة بال، واطمئنان فس.
ثم ذكر أوصاف هذا النعيم وفخم شأنه فقال:
(عَلَى الْأَرائِكِ يَنْظُرُونَ) أي على الأسرة فى حجالها ينظرون إلى أنواع نعيمهم فى الجنة من الحور العين والولدان وأنواع الأطعمة والأشربة والمراكب الفارهة إلى نحو ذلك.
ثم بين أثر هذا النعيم على أهل الجنة فقال:
(تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ) أي إنك إذا نظرت إليهم أدركت أنهم أهل نعمة، لما ترى فى وجوههم من الأمارات الدالة على ذلك فمن ضحك، إلى هدوء بال، إلى استبشار كما قال:«وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ ضاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ» .
(يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ. خِتامُهُ مِسْكٌ) أي يسقون خمرا لا غش فيها، ولا يصيب شاربها خمار ولا يناله منها أذى كما قال تعالى:«لا فِيها غَوْلٌ وَلا هُمْ عَنْها يُنْزَفُونَ» .
وقد ختمت أوانيها بختام من مسك بدل الطين، تكريما وصونا لها عن الابتذال على ما جرت به العادة من ختم الإنسان على ما يكرّم ويصان.