والمراد بالأيام المعدودات هى أربعون يوما وهى مدة عبادتهم للعجل، وقال الأستاذ الإمام: إنه لم يثبت في عدد هذه الأيام شىء.
(وَغَرَّهُمْ فِي دِينِهِمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ) أي وقد أطمعهم وخدعهم ما كانوا يفترون على الله من نحو قولهم: نحن أبناء الله وأحباؤه، وقولهم: إن آباءنا الأنبياء يشفعون لنا وإن الله وعد يعقوب ألا يعذب أبناءه إلا تحلّة القسم (مدة قصيرة) .
والخلاصة- إن مثل هذا التحديد للعقوبة من الافتراء الذي كان منشأ غرورهم إذ هو مما لا يعرف بالرأى ولا بالفكر، بل بالوحى من الله، والعهد منه كما قال في سورة البقرة «وَقالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُودَةً، قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْداً فَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ عَهْدَهُ، أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ؟» .
(فَكَيْفَ إِذا جَمَعْناهُمْ لِيَوْمٍ لا رَيْبَ فِيهِ) أي فكيف يصنعون إذا جمعناهم للجزاء فى يوم لا ريب فيه؟
وفي هذا الاستفهام تهويل لما سيكون، واستعظام لما أعدّ لهم، وأنهم سيقعون فيما لا حيلة في دفعه والخلاص منه، وأن ما حدّثوا به أنفسهم وسهلوه عليها بتعللاتهم وأباطيلهم تطمّع بما لا يكون.
(وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ) أي ورأت كل نفس ما عملت من خير أو شر محضرا لا نقص فيه، ثم جوزيت عليه وكان منشأ سعادتها أو شقائها، ولا يفيدهم الانتماء إلى دين معين أو مذهب خاصّ، إذ لا امتياز لشعب على شعب وإن تسمى بعضهم بشعب الله، ولا بين الأشخاص وإن لقبوا أنفسهم بأبناء الله، فإن الجزاء يومئذ إنما يكون بما في داخل الصدور لا بما في خارجها، وبما أحدثته الأعمال فيها من صفات حسنة أو قبيحة.
(وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ) فهناك العدل الكامل، فلا ينقص أحد من جزاء ما كسب ولا يزاد في عذابه شىء، والعبرة حينئذ بتأثير العمل في النفس، فإذا كان أثره السيئ قد أحاط بها، واستغرق وجدانها، كانت خالدة في النار، لأن عملها لم يدع للإيمان