فأولهم آدم وهو أبو البشر اصطفاه ربه واجتباه كما قال تعالى:«ثُمَّ اجْتَباهُ رَبُّهُ فَتابَ عَلَيْهِ وَهَدى» وكان من ذريته النبيون والمرسلون.
وثانيهم نوح وهو الأب الثاني للبشر، فقد حدث على عهده ذلك الطوفان العظيم فانقرض من السلائل البشرية من انقرض، ونجا هو وأهله في الفلك العظيم، وجاء من ذريته كثير من النبيين والمرسلين، ثم تفرقت ذريته وانتشرت في البلاد وفشت فيهم الوثنية.
فظهر إبراهيم صلوات الله عليه نبيا مرسلا، ثم تتابع من بعده النبيون والمرسلون من ذريته وآله كإسماعيل وإسحق ويعقوب والأسباط، وكان من أرفع أولاده قدرا وأنبههم ذكرا آل عمران، وهم عيسى وأمه مريم ابنة عمران، وينتهي نسبها إلى يعقوب صلوات الله عليه، وختمت النبوة بولد إسماعيل محمد صلوات الله وسلامه عليه.
(ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ) أي إن الآلين ذرية واحدة متشعب بعضها من بعض، فآل إبراهيم وهم إسماعيل وإسحق وأولادهما من نسل إبراهيم، وإبراهيم من نسل نوح ونوح من آدم.
وآل عمران وهم موسى وهرون وعيسى وأمه من ذرية إبراهيم ونوح وآدم.
وقد يكون المراد بكون بعضها من بعض أنهم أشباه وأمثال في الخير والفضيلة التي كانت سببا في اصطفائهم، على نحو قوله تعالى «الْمُنافِقُونَ وَالْمُنافِقاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ» وهؤلاء الذرية هم الذين ذكرهم الله في سياق الكلام في إبراهيم بقوله: «وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنا، وَنُوحاً هَدَيْنا مِنْ قَبْلُ، وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ داوُدَ وَسُلَيْمانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسى وَهارُونَ، وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ. وَزَكَرِيَّا وَيَحْيى وَعِيسى وَإِلْياسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ، وَإِسْماعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطاً