للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حيا كسائر الطيور بأمره تعالى، لأنه هو الذي يخلق الحياة في ذلك الجسم بقدرته عند نفخ عيسى فيه معجزة له والخلاصة- إن من علامات نبوتى إن كنتم فيها تمترن، أنى أقتطع من الطين جزءا مصورا بصورة طير من الطيور التي تريدون، ثم أنفخ فيه فيصير طيرا حيّا يحلّق فى جو السماء كما تفعل بقية الطيور.

وقد روى أنه عليه السلام لما ادعى النبوة وأظهر المعجزات طالبوه بخلق خفّاش فأخذ طينا وصوره ونفخ فيه، فإذا هو يطير بين السماء والأرض،

قال وهب: كان يطير ما دام الناس ينظرون إليه، فإذا غاب عن أعينهم سقط ميتا ليتميز من خلق الله.

وقد جرت سنة الله أن تجرى الآيات على أيدى الأنبياء عند طلب قومهم لها وجعل الإيمان موقوفا عليها، فإن كانوا سألوه شيئا من ذلك فقد فعل، ولا حاجة بنا إلى تعيين نوع الطير، إذ لم يرد عندنا نص من كتاب أو سنة يعينه فنقف حينئذ عند لفظ الآية.

(وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِ الْمَوْتى بِإِذْنِ اللَّهِ) وإنما خصا بالذكر، لأن مداواتهما أعيت نطس الأطباء، وقد كان الطب متقدما جدا زمن عيسى فأراهم الله المعجزة من ذلك الجنس.

وقد جرت السنة الإلهية أن تكون معجزة كل نبىّ من جنس ما اشتهر في زمنه فأعطى موسى العصا وابتلعت ما كانوا يأفكون، لأن المصريين في ذلك العصر كانوا مشهورين بالسحر، وأعطي عيسى من المعجزات ما هو من جنس الطب الذي حذقه أطباء عصره، وأعطى محمدا معجزة القرآن، لأن التفاخر في ذلك العصر كان بالفصاحة والبيان.

وقد روى عن إحياء عيسى للموتى روايات كثيرة فمن ذلك أنه أحيا بنتا قبل أن تدفن، وأحيا اليعازر قبل أن يبلى ولم ينقل أنه أحيا ميتا رميما

<<  <  ج: ص:  >  >>