(وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ) أي مخلصون منقادون لأوامره.
وفي هذا دليل على أن الإسلام دين الله على لسان كل نبىّ وإن اختلف الأنبياء فى بعض صوره وأشكاله، وأحكامه وأعماله.
وإنما طلبوا شهادته، لأن الرسل يشهدون لأممهم يوم القيامة.
(رَبَّنا آمَنَّا بِما أَنْزَلْتَ) هذا تضرع إلى الله، وعرض لحالهم عليه بعد عرضها على الرسول مبالغة في إظهار أمرهم.
(وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ) أي وامتثلنا ما أتى به منك.
وفي ذكرهم الاتباع بعد الإيمان دليل على أن إيمانهم كان بمنزلة اليقين الحاكم على النفس المصرّف لها في العمل، إذ العلم الصحيح هو الذي يستلزم العمل، أما العلم الذي لا أثر له فيه فهو محمل ناقص لا يقين فيه ولا اطمئنان، وكثيرا ما يظن الإنسان أنه عالم بالشيء، فإذا حاول العمل به لم يحسنه، ويتبين له أنه كان محطئا في دعوى العلم به.
(فَاكْتُبْنا مَعَ الشَّاهِدِينَ) أي الشاهدين على حال الرسول مع قومه.
(وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ) أي ومكر أولئك القوم الذين علم عيسى كفرهم من اليهود، بأن وكلوا به من يقتله غيلة، ومكر الله فأبطل مكرهم فلم ينجحوا فيه، ورفع عليه السلام إلى السماء، وألقى شبهه على من قصد اغتياله حتى قتل.
(وَاللَّهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ) أي أقواهم مكرا وأنفذهم كيدا، وأقدرهم على إيصال الضر إليهم من حيث لا يحتسبون، فتدبيره الذي يخفى على عباده إنما يكون لإقامة سننه، وإتمام حكمته وكلها خير في نفسها، وإن قصر كثير من الناس في الاستفادة منها بجهلهم وسوء اختيارهم.
(إِذْ قالَ اللَّهُ يا عِيسى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرافِعُكَ إِلَيَّ) أي مكر الله بهم حين قال لنبيه إني متوفيك ورافعك إلىّ.