وأين هذا من حال نساء المسلمين اليوم في جهلهنّ بأمور الدين، وعدم مشاركتهنّ للرجال في عمل من الأعمال الدينية أو الشئون الاجتماعية، ولا همّ لنساء الأغنياء في المدن إلا الزينة والتنوق في المطاعم والمشارب والملابس كما لا عمل لنساء الفقراء في القرى والدساكر إلا الخدمة في الحقول والمنازل، فهن كالاتن الحاملة والبقر العاملة، وكان من جراء هذا أن صغرت نفوسهن، وضعفت آدابهن، وصرن كالدواجن في البيوت، أو السوائم في الصحراء، وساءت تربية البنين والبنات، وسرى الفساد من الأفراد إلى الجماعات، وعم الأسر والعشائر، والشعوب والقبائل.
وقد قام في العهد الأخير جماعات من العقلاء في كثير من البلاد الإسلامية يطالبون بتحرير المرأة ومشاركتها الرجل في العلم والأدب وشئون الحياة، وصادفت هذه الدعوة آذانا صاغية، فبدأ المسلمون يعلمون بناتهم ولكن يحسن أن بصحب هذا التعليم شىء كثير من التربية الدينية والإصلاح في الأخلاق والعادات.
وقد كان هذا عاملا من عوامل الانقلاب الاجتماعى الذي لا ندرى ما تكون عاقبته في إصلاح الأسر الإسلامية ولا ما سيتمخص عنه من نفع للإسلام والمسلمين.
(إِنَّ هذا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ) أي إن هذا الذي قصصته عليك في شأن عيسى هو الحق لا ما يدعيه النصارى من كونه إلها أو ابن الله، ولا ما يدعيه اليهود من كونه ابن زنا.
(وَما مِنْ إِلهٍ إِلَّا اللَّهُ) الذي خلق كل شىء وليس كمثله شىء.
وفي هذا رد على النصارى الذين يقولون إن الله ثالث ثلاثة.
(وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) أي وإنه تعالى ذو العزة الذي لا يغالبه أحد، وذو الحكمة التي لا يساويه فيها أحد حتى يكون شريكا له في ألوهيته، أو ندّا له فى ربوبيته، وما الولد إلا نسخة من الوالد، فهو يساويه في جنسه ونوعه، وهو سبحانه فوق الأجناس والأنواع.
(فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِالْمُفْسِدِينَ) أي فإن أعرضوا عن اتباعك وتصديقك، ولم يقبلوا عقيدة التوحيد التي جئت بها، ولم يجيبوك إلى المباهلة، فإن الله عليم بحال