وخلاصة ذلك- إن هذا الإيجاب مشروط بالاستطاعة وهى تختلف باختلاف الأشخاص والأزمان.
(وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ) المراد بالكفر هنا جحود كون هذا البيت أول بيت وضعه إبراهيم للعبادة بعد أن قامت الأدلة على ذلك، وعدم الإذعان لما فرضه الله من حجه والتوجه إليه بالعبادة.
وفسر بعضهم الكفر بترك الحج فكأنه قال ومن لم يحج فإن الله غنى عن العالمين، وعبر عنه بذلك تغليظا وتشديدا على تاركه.
فقد روى أنه صلى الله عليه وسلم قال:«من مات ولم يحج فليمت إن شاء يهوديا أو نصرانيا»
وروى عن على أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في خطبة له:«أيها الناس، إن الله فرض الحج على من استطاع إليه سبيلا، ومن لم يفعل فليمت على أي حال شاء يهوديّا أو نصرانيا أو مجوسيا»
وأثر عن عمر أنه قال: لقد هممت أن أبعث رجالا إلى هذه الأمصار فلينظروا كل من كان له جدة (سعة) ولم يحج، فيضربوا عليهم الجزية، ماهم بمسلمين، ماهم بمسلمين.
ولهذه الأدلة قال كثير من الفقهاء: إن الحج واجب على الفور، وقال آخرون: إنه واجب على التراخي.
وهذه الجملة تأكيد لما سبق من الوجوب، فإنه بدأ الآية بأن قال: ولله على الناس، فأفاد أن ذلك ما كان لجرّ نفع ولا لدفع ضر، بل كان للعزة الإلهية، ولكبرياء الربوبية، وختمها بهذه الجملة المؤكدة لذلك، ببيان أن فاعل ذلك مستأهل للنعمة برضا الله عنه، وأن تاركه يسخط عليه سخطا عظيما.
وحسب البيت شرفا أنه حرم آمن ومثابة للناس ومبارك وهدى للعالمين، وما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في حرمته وفضله، من أنه لا يسفك فيه دم، ولا يعضد شجره، ولا يختلى خلاه (لا يقطع نباته) وأن قصده مكفر للذنوب ماح للخطايا، وأن العبادة التي تؤدى فيه لا تؤدى في غيره، وأن استلام الحجر