للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا ضير فى الذل إذا لم يكن عن قهر من البغاة والظالمين، ولم يكن المؤمنون بمقهورين ولا بمستذلّين من الكفار، وإنما كانت قوتهم أول تكوّنها.

(فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) أي فاتقوا الله ربكم بطاعته واجتناب محارمه، لتعدّوا أنفسكم لشكره، على ما منّ به عليكم من النصر على أعدائكم وإظهار دينكم، ولما هداكم له من الحق الذي ضل عنه مخالفوكم، إذ من لم يروّض نفسه بالتقوى يغلب عليه الهوى واتباع الشهوات، فلا يرجى منه الشكر لأنعم الله بصرفها فيما خلقت لأجله من الحكم والمنافع.

(إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ) أي ولقد نصركم الله ببدر فى ذلك الحين الذي كنت تقول فيه لهم: ألن يكفيكم إلخ.

أخرج ابن أبى شيبة وابن المنذر وغيرهما عن الشّعبى أن المسلمين بلغهم يوم بدر أن كرز بن جابر المحاربي يريد أن يمدّ المشركين، فشق ذلك عليهم، فأنزل الله- ألن يكفيكم أن يمدّكم ربكم- إلى قوله: من الملائكة مسوّمين، فبلغته هزيمة المشركين فلم يمدّ أصحابه، ولم يمدّوا بالخمسة الآلاف.

(أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلاثَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُنْزَلِينَ) قال الفخر الرازي فى التفسير الكبير: أجمع أهل التفسير والسير أن الله تعالى أنزل الملائكة يوم بدر، وأنهم قاتلوا الكفار.

قال ابن عباس رضى الله عنهما: لم تقاتل الملائكة سوى يوم بدر، وفيما سواه كانوا عددا ومددا لا يقاتلون ولا يضربون.

(بَلى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هذا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُسَوِّمِينَ) أي بلى يكفيكم ذلك، ثم وعدهم بالزيادة بشرط الصبر والتقوى حثا لهم عليهما وتقوية لقلوبهم.

أي إن تصبروا على لقاء العدو ومناهضتهم، وتتقوا معصية الله، ومخالفة نبيه

<<  <  ج: ص:  >  >>