ويزيده فى المال، وكلما أخره زاد فى المال حتى تصير المائة آلافا مؤلفة، وفى الغالب لا يفعل مثل ذلك إلا معدم محتاج، فهو يبذل الزيادة ليفتدى من أسر المطالبة، ولا يزال كذلك يعلوه الدين حتى يستغرق جميع موجوده، فيربو المال على المحتاج من غير نفع يحصل له، ويزيد مال المرابى من غير نفع يحصل منه لأخيه، فيأكل مال أخيه بالباطل، ويوقعه فى المشقة والضرر، فمن رحمة الله وحكمته وإحسانه إلى خلقه أن حرّم الربا ولعن آكله ومؤكله وكاتبه وشاهده، وآذن من لم يدعه بحربه وحرب رسوله، ولم يجىء مثل هذا الوعيد فى كبيرة غيره، ولهذا كان من أكبر الكبائر.
(٢) ربا الفضل كأن يبيع قطعة من الحلي كسوار بأكثر من وزنها دنانير، أو يبيع كيلة من التمر الجيد بكيلة وحفنة من التمر الرديء مع تراضى المتبايعين، وحاجة كل منهما إلى ما أخذه.
ومثل هذا لا يدخل فى نهى القرآن ولا فى وعيده، ولكنه ثبت بالسنة فقد
روى ابن عمر قوله صلى الله عليه وسلم «لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثلا بمثل، ولا تبيعوا الورق بالورق إلا مثلا بمثل سواء بسواء، ولا تشفوا بعضه على بعض إنى أخشى عليكم الرّماء- الربا-» .
وهذه الآية هى أولى الآيات نزولا فى تحريم الربا، وآيات البقرة نزلت بعد هذه، بل هى آخر آيات الأحكام نزولا، وقد يقول بعض المسلمين الآن: إنا نعيش فى عصر ليس فيه دول إسلامية قوية تقيم الإسلام وتستغنى عمن يخالفها فى أحكامها بل زمام العالم فى أيدى أمم مادية تقبض على الثروة، وبقية الشعوب عيال عليها، فمن جاراها فى طرق الكسب- والربا من أهم أركانه- أمكنه أن يعيش معها، وإلا كان مستعبدا لها.
أفلا تقضى ضرورة كهذه على الشعوب الإسلامية التي تتعامل مع الأوربيين