للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والسيادة يجرى على طرق قويمة وقواعد ثابتة اقتضتها الحكمة والمصلحة العامة.

وقد جاء ذكر السنن الإلهية فى مواضع من الكتاب الكريم كقوله: «قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ ما قَدْ سَلَفَ، وَإِنْ يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الْأَوَّلِينَ» وقوله: فى سياق دعوة الإسلام «وَما مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جاءَهُمُ الْهُدى وَيَسْتَغْفِرُوا رَبَّهُمْ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذابُ قُبُلًا» .

والمراد بذلك أن مشيئة الله فى خلقه تسير على سنن حكيمة من سار عليها ظفر وإن كان ملحدا أو وثنيا، ومن تنكبها خسر وإن كان صديقا أو نبيا، وعلى هذا فلا عجب أن ينهزم المسلمون فى وقعة أحد، وأن يصل المشركون إلى النبي صلى الله عليه وسلم فيشجوا رأسه، ويكسروا سنه، ويردوه فى حفرة.

والمسلمون الصادقون أولى الناس بمعرفة تلك السنن فى الأمم وأجدر الناس بأن يسيروا على هديها، لذلك لم يلبث أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن ثابوا إلى رشدهم يومئذ ورجعوا إلى الدفاع عن نبيهم وثبتوا حتى انجلى المشركون عنهم ولم ينالوا ما كانوا يقصدون.

والخلاصة- إن النظر فى أحوال من تقدمكم من الصالحين والمكذبين يهديكم إلى الطريق المستقيم، فإن أنتم سلكتم سبيل الصالحين فعاقبتكم كعاقبتهم، وإن سلكتم سبيل المكذبين فحالكم كحالهم.

وفى الآية تذكير لمن خالف أمر النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد وإرشاد لهم إلى أنهم بين عاملى خوف ورجاء، فهى على أنها بشارة لهم بالنصر على عدوهم إنذار بسوء العاقبة إذا هم حادوا عن سننه، وساروا فى طريق الضالين ممن قبلهم، وعلى الجملة فالآية خبر وتشريع وتتضمن وعدا ووعيدا وأمرا ونهيا.

وقد جرت سنة الله بأن للمشاهدة فى تثبيت الحقائق ما ليس للقول وحده،

<<  <  ج: ص:  >  >>