ألوهيتها، وكونها واسطة بين الله وخلقه، وإنما قلدوا فى ذلك آباءهم الذين ضلوا من قبل، ومن ثم كانوا عرضة لاضطراب القلب، واتباع خطوات الوهم، فهم يعدّون الوساوس أسبابا، والهواجس مؤثرات وعللا، ويرجون الخير مما لا يرجى منه الخير، ويخافون مما لا يخاف منه الضّير.
وفى الآية إيماء إلى بطلان الشرك، وسوء أثره فى النفوس، إذ طبيعته تورث القلوب الرعب، باعتقاد أن لبعض المخلوقات تأثيرا غيبيا وراء السنن الإلهية، والأسباب العادية، فالمشركون الذين جاهدوا الحق، وآثروا مقارعة الداعي ومن استجاب له بالسيف، بغيا وعدوانا- يرتابون فيما هم فيه ويتزلزلون إذا شاهدوا الذين دعوهم ثابتين مطمئنين، ولا يزال ارتيابهم يزيد حتى تمتلىء قلوبهم رعبا.
والخلاصة- إن طبيعة المشركين إذا قاوموكم أيها المؤمنون، أن تكون نفوسهم مضطربة، وقلوبهم ممتلئة رعبا وهلعا منكم فلا تخافوهم، ولا تبالوا بقول من يدعوكم إلى موالاتهم والالتجاء إليهم.
وبعد أن بين أحوال هؤلاء المشركين فى الدنيا من وقوع الخوف والهلع فى قلوبهم- ذكر أحوالهم فى الآخرة فقال:
(وَمَأْواهُمُ النَّارُ وَبِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِينَ) أي إن مسكنهم النار بسبب ظلمهم لأنفسهم بالكفر والجحود ومعاندة الحق ومقاومة أهله، وظلمهم للناس بسوء المعاملة وفى التعبير بالمثوى المنبئ عن المكث الطويل دليل على الخلود فيها.