الأعمال إلا الاستشفاء بالرّقية وهى إنما يطلبها الجاهلون بالأسباب الحقيقية، وإلا التطير وهو التيمن والتشاؤم بحركات الطير، وإلا الكي بالنار وكانوا يتداوون به فى الجاهلية، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يكرهه لأمته، ويعده من الأسباب المؤلمة التي تنافى التوكل، وقد روى أحمد «لم يتوكل من استرقى أو اكتوى» .
وروى أحمد والترمذي والنسائي وابن ماجة «لو أنكم توكلتم على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير، تغدو خماصا وتروح بطانا» وهو ظاهر فى أن التوكل يكون مع السعى، لأنه ذكر للطير عملا وهو الذهاب صباحا فى طلب الرزق وهى فارغة البطن والرجوع وهى ممتلئتها.
وأخرج ابن حبان فى صحيحه:«حديث الرجل الذي جاء النبي صلى الله عليه وسلم وأراد أن يترك ناقته وقال: أأعقلها وأتوكل، أو أطلقها وأتوكل؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: اعقلها وتوكل» .
وقال عبد الله ابن الإمام أحمد: قلت لأبى هؤلاء المتوكلون يقولون: نقعد وأرزاقنا على الله عز وجل، قال: ذا قول ردىء خبيث، يقول الله عز وجل:«إِذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ» وقال أيضا: سألت أبى عن قوم يقولون: نتكل على الله ولا نكتسب، قال: ينبغى للناس كلهم أن يتوكلوا على الله ولكن يعوّدون أنفسهم الكسب، هذا قول إنسان أحمق.
وسر هذا أن الإنسان إذا توكل ولم يستعدّ للأمر ويأخذ له الأهبة بحسب ما سنه الله من الأسباب، أسف وندم وتحسر على ما فات، وعدّ ملوما عقلا وشرعا، كما أنه إذا أخذ الأهبة واعتمد عليها وغفل قلبه عن الله كان عرضة للهلع والجزع إذا خاب سعيه ولم ينل بغيته، وربما وقع فى اليأس الذي لا مطمع معه فى فلاح ولا نجاح.
(إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلا غالِبَ لَكُمْ) أي إن أراد الله نصركم كما حدث يوم بدر حين عملتم بسنته، وثبتم فى مواقفكم، واتكلتم على توفيقه ومعونته، فلا غالب لكم