قلوبهم، فهم يظهرون الإيمان باللسان ويبطنون الكفر، فالكذب دأبهم ليستروا به ما يضمرون، ويؤيدوا ما يظهرون.
وفى ذكر الأفواه والقلوب تصوير لنفاقهم، وتوضيح لمخالفة ظاهرهم لباطنهم.
والخلاصة- إنهم يتفوهون بقول لا وجود لمنشئه فى قلوبهم كقولهم: لو نعلم قتالا، وقولهم: لاتبعناكم، وهم كاذبون فى كل من الأمرين، فإنهم كانوا عالمين به وقد أصروا على الانخذال وعزموا على الارتداد.
ثم أكد كفرهم ونفاقهم وبين اشتغال قلوبهم بما يخالف أقوالهم من فنون الشر والفساد فقال:
(وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِما يَكْتُمُونَ) من الكفر والكيد للمسلمين وتربص الدوائر بهم، فهو فى كل حين يبين مخبآت أسرارهم، ويكشف أستارهم، ثم يعاقبهم على ذلك فى الدنيا والآخرة.
والخلاصة- إنه لا ينفعهم النفاق، فالله أعلم بما تكنّه سرائرهم وقلوبهم.
وبعد أن ذكر قولا قالوه قبل القتال وبين بطلانه- أردفه قولا قالوه بعده وبيّن فساده، قال:
(الَّذِينَ قالُوا لِإِخْوانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطاعُونا ما قُتِلُوا) أي هم الذين قالوا لأجل إخوانهم الذين قتلوا فى هذه الواقعة، والحال أنهم قعدوا عن القتال: لو أطاعونا فى القعود ولم يخرجوا للقتال كما لم نخرج- لما قتلوا كما أنّا لم نقتل.
وفى هذا إيماء إلى أنهم أمروهم بالانخذال حين انخذلوا.
أخرج ابن جرير عن السّدّى قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فى ألف رجل وقد وعدهم الفتح إن صبروا، فلما خرجوا رجع عبد الله بن أبىّ فى ثلاثمائة، فتبعهم أبو جابر السّلمى يدعوهم، فقالوا: لو نعلم قتالا لاتبعناكم، ولئن أطعتنا لترجعنّ معنا، فنعى الله عليهم ذلك بقوله- الذين قالوا لإخوانهم- الآية.
وقد دحض الله تعالى حجتهم، وأبان لهم كذبهم، ووبخهم على ما قالوا، فقال لنبيه: