حين غزوة أحد، حتى يميز المؤمن من المنافق، ويظهر حال كل منهما، لأن الشدائد هى التي تميز قوىّ الإيمان من ضعيفه، وتزيل الالتباس بين الصادقين والمنافقين.
أما تكليف ما لا مشقة فيه كالصلاة والصدقة القليلة وغيرهما فيقبلها المنافق، كما يقبلها صادق الإيمان، لما فيها من حسن الأحدوثة، والتمتع بمزايا الإسلام.
وفى الشدائد من الفوائد الشيء الكثير منها:
(١) اتقاء المنافق إذا علم نفاقه، فقد يفضى صادق الإيمان ببعض أسرار الملة إلى المنافق، لما يغلب عليه من حسن الظن به، حين يراه يؤدى الواجبات الظاهرة، ويشارك الصادقين فى سائر الأعمال، فإذا هو أفشاها عرف حاله وحذره المسلمون الصادقون.
(٢) أن تروز الجماعة حالها، إذ بتكشف أمر المنافقين تعرف أنهم عليها لا لها، وكذلك تعرف حال ضعاف الإيمان الذين لم تربّهم الشدائد.
(٣) إنها تدفع الغرور عن النفس، إذ يغتر المؤمن الصادق فلا يدرك ما فى نفسه من ضعف فى الاعتقاد والأخلاق حتى تمحّصه الشدائد وتبيّن له حقيقة أمره.
وقد يدور بخلد بعض الناس أن أقرب وسيلة لتمييز المؤمن الصادق من المنافق، أن يطلع الله المؤمنين على الغيب حتى يعرفوا حقائق أنفسهم وحقائق الناس الذين يعيشون بين ظهرانيهم، فيعرفوا أن فلانا من أهل الجنة، وفلانا من أهل النار، فأجاب الله عن هذا فقال:
(وَما كانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ) أي لم يكن من شأنه تعالى أن يطلع عامة الناس على الغيب، إذ لو فعل ذلك لأخرج الإنسان من طبيعته، فإنه تعالى خلقه يحصّل رغائبه، ويدفع المكاره عنه بالعمل الكسبي الذي تهدى إليه الفطرة وترشد إليه النبوة.
ومن ثم جرت سنته بأن يزيل هذا اللبس، ويميز الخبيث من الطيب بالامتحان بالشدائد، والتضحية بالنفس وبذل المال فى سبيل الحق والخير، كما ابتلى المؤمنون