(وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتامى فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ) أي وإن أحسستم من أنفسكم الخوف من أكل مال الزوجة اليتيمة فعليكم ألا تتزوجوا بها فان الله جعل لكم مندوحة عن اليتامى بما أباحه لكم من التزوّج بغيرهن واحدة أو ثنتين أو ثلاثا أو أربعا، وتقول العرب فى كلامها اقتسموا ألف الدرهم هذا درهمين درهمين وثلاثة ثلاثة وأربعة أربعة على معنى أن كل واحد يأخذ درهمين فحسب أو ثلاثة أو أربعة ولو أفردت وقلت اقتسموه درهمين وثلاثة وأربعة لم يسغ استعمالا.
(فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَواحِدَةً) أي ولكن إن خفتم ألا تعدلوا بين الزوجين أو الزوجات فعليكم أن تلزموا واحدة فقط، والخوف من عدم العدل يصدق بالظن والشك فى ذلك، فالذى يباح له أن يتزوج ثانية أو أكثر هو من يثق من نفسه بالعدل ثقة لا شك فيها.
(أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ) أي اقتصروا على واحدة من الحرائر وتمتعوا بمن تشاءون من السراري لعدم وجوب العدل بينهن، ولكن لهن حق الكفاية فى نفقات المعيشة بما يتعارفه الناس.
(ذلِكَ أَدْنى أَلَّا تَعُولُوا) أي اختيار الواحدة أو التسرى أقرب من عدم الجور والظلم.
والخلاصة- إن البعد من الجور سبب فى تشريع الحكم، وفى هذا إيماء إلى اشتراط العدل ووجوب تحرّيه، وإلى أنه عزيز المنال كما قال تعالى:«وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّساءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ» .
والعدل إنما يكون فيما يدخل تحت طاقة الإنسان كالتسوية فى المسكن والملبس ونحو ذلك، أما ما لا يدخل فى وسعه من ميل القلب إلى واحدة دون أخرى فلا يكلف الإنسان بالعدل فيه، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم فى آخر عهده يميل إلى عائشة أكثر من سائر نسائه، لكنه لا يخصها بشىء دونهن إلا برضاهن وإذنهن،