للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(١) أن المخالفة التي صدرت منه كانت قبل النبوة، والعصمة إنما تكون عن مخالفة الأوامر بعدها.

(٢) أن الذي وقع منه كان نسيانا، فسمى عصيانا تعظيما لأمره، والنسيان والسهو لا ينافيان العصمة.

(٣) أن ذلك من المتشابه كسائر ما جاء في القصة، مما لا يمكن حمله على ظاهره، ويجب تفويض أمره إلى الله كما هو رأى سلف الأمة، أو هو من باب التمثيل كما هو رأى الخلف.

وقد أجاد الأستاذ الإمام محمد عبده بيانه قال:

إن إخباز الله تعالى الملائكة بجعل الإنسان خليفة في الأرض هو عبارة عن تهيئة الأرض وقوى هذا العالم وأرواحه التي بها قوامه ونظامه لوجود نوع من المخلوقات يتصرف فيها ويكون به كمال الوجود في هذه الأرض، وسؤال الملائكة عن جعل خليفة يفسد في الأرض لأنه يعمل باختياره ويعطى استعدادا في العلم والعمل لا حدّ لهما، تصوير لما في استعداد الإنسان لذلك، وتمهيد لبيان أنه لا ينافى خلافته في الأرض، وتعليم آدم الأسماء كلها بيان لاستعداد الإنسان لعلم كل شىء في الأرض وانتفاعه به فى استعمارها، وعرض الأسماء على الملائكة وسؤالهم عنها وتنصلهم في الجواب، تصوير لكون الشعور الذي يصاحب كل روح من الأرواح المدبّرة للعوالم محدودا لا يتعدى وظيفته، وسجود الملائكة لآدم عبارة عن تسخير هذه الأرواح والقوى له ينتفع بها فى ترقية الكون بمعرفة سنن الله تعالى في ذلك، وإباء إبليس واستكباره عن السجود تمثيل لعجز الإنسان عن إخضاع روح الشر وإبطال داعية خواطر السوء التي هى مثار التنازع والتخاصم والتعدي والإفساد في الأرض، ولولا ذلك لجاء على الإنسان زمن يكون أفراده فيه كالملائكة، بل أعظم أو يخرجون عن كونهم من هذا النوع البشرى، ويراد بالجنة الراحة والنعيم، فإن من شأن الإنسان أن يجد في الجنة التي هى الحديقة ما يلذ له

<<  <  ج: ص:  >  >>