للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كأنه أباح لغيره أن يأكل ماله فالحياة قصاص، وإرشادا إلى أن صاحب المال يجب عليه بذل شىء منه للمحتاج وعدم البخل عليه به، إذ هو كأنما أعطاه شيئا من ماله.

وبهذا قد وضع الإسلام قواعد عادلة للأموال لدى من يعتنق مبادئه وهى:

١) أن مال الفرد مال الأمة مع احترام الحيازة والملكية وحفظ حقوقها، فهو يوجب على ذى المال الكثير حقوقا معينة للمصالح العامة، وعلى ذى المال القليل حقوقا أخرى للبائسين وذوى الحاجات من سائر أصناف البشر، ويحث على البر والإحسان والصدقات فى جمييع الأوقات.

وبهذا لا يوجد فى بلاد الإسلام مضطر إلى القوت أو عريان، سواء أكان مسلما أم غير مسلم، لأن الإسلام فرض على المسلمين إزالة ضرورة المضطر، كما فرض فى أموالهم حقوقا للفقراء والمساكين.

وكل فرد يقيم فى بلادهم يرى أن مال الأمة هو ماله، فإذا اضطر إليه يجده مذخورا له، كما جعل المال المفروض فى أموال الأغنياء تحت سيطرة الجماعة الحاكمة من الأمة حتى لا يمنعه من فى قلبه مرض، وحثهم على البذل ورغبهم فيه، وذمهم على البخل ووكل ذلك إلى أنفسهم، لتقوى لديهم ملكة السخاء والمروءة والرحمة.

٢) أنه لم يبح للمحتاج أن يأخذ ما يحتاج إليه من أيدى أربابه إلا بإذنهم، حتى لا تنتشر البطالة والكسل بين أفراد الأمة، وتوجد الفوضى فى الأموال، والضعف والتواني فى الأعمال، ويدبّ الفساد فى الأخلاق والآداب.

ولو أقام المسلمون معالم دينهم، وعملوا بشرائعه، لضربوا للناس الأمثال واستبان لهم أنه خير شريعة أخرجت للناس، ولأقاموا مدنية صحيحة فى هذا العصر يتأسى بها كل من يريد سعادة الجماعات، ولا يجعلها تئنّ تحت أثقال العوز والحاجة، كما هو حادث الآن من التنافر العام والنظر الشزر من العمال إلى أصحاب رءوس الأموال:

(إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ مِنْكُمْ) أي لا تكونوا من ذوى الأطماع الذين

<<  <  ج: ص:  >  >>