للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأنه لا يشعر بحق لغيره عليه، وبالأولى لا يشعر بحق لليتيم أو المسكين أو لجار قريب أو بعيد، فهو لا يرجى منه برّ ولا إحسان، وإنما يتوقع منه إساءة وكفران، ومن الكبر والخيلاء إطالة الثوب وجر الذيل بطرا ومرحا، قال تعالى: «وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبالَ طُولًا» .

وليس من الكبر والخيلاء أن يكون المرء وقورا فى غير غلظة، عزيز النفس مع الأدب والرقة.

روى أبو داود والترمذي عن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «لا يدخل الجنة من كان فى قلبه مثقال ذرة من كبر» فقال رجل: إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنا ونعله حسنة، فقال صلى الله عليه وسلم «إن الله جميل يحب الجمال الكبر بطر الحق وغمص الناس»

بطر الحق: رده استخفافا وترفعا، وغمص الناس احتقارهم والازدراء بهم.

ثم بين المختال الفخور فقال:

(الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ ما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ) روى ابن اسحق وابن جرير عن ابن عباس- كان جماعة من اليهود يأتون رجالا من الأنصار يتنصحون لهم، فيقولون: لا تنفقوا أموالكم، فإنا نخشى عليكم الفقر فى ذهابها ولا تسارعوا فى النفقة، فإنكم لا تدرون ما يكون، فأنزل الله تعالى: (الَّذِينَ يَبْخَلُونَ إلى قوله- وَكانَ اللَّهُ بِهِمْ عَلِيماً) :

والمراد بالبخل فى الآية البخل بالإحسان الذي أمر به فيما تقدم، فيشمل البخل بلين الكلام وإلقاء السلام والنصح فى التعليم وإنقاذ المشرف على التهلكة، وكتمان ما آتاهم الله من فضله يشمل كتمان المال وكتمان العلم.

ثم بين عاقبة أمرهم وعظيم نكالهم فقال:

(وَأَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ عَذاباً مُهِيناً) أي وهيأنا لهؤلاء بكبرهم وبخلهم وعدم شكرهم عذابا يهيهم ويذلهم، فهو عذاب جامع بين الألم والذلة جزاء لهم على ما اقترفوا،

<<  <  ج: ص:  >  >>