للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حيون. وكان ذا منة. فقال: لم نتوب يا شيخ السوء، نحن براء الى الله من متابتك. ثم أقبل على الوزير المخاطب لهم فقال: يا وزير، ليس المبلغ أنت، وكل ما ذكرته عن أمير المؤمنين، مما نسبته إلينا، فهي صفتكم معاشر خدمه، أنتم الذين تأكلون أموال الناس بالباطل، وتستحلون ظلمهم، وتتحفون مماستهم بالرشا والمصانعة، وتبغون في الأرض بغير الحق. وأما نحن فليس هذه صفاتنا، ولا كرامة، ولا يقوله لنا إلا متهم في دينه، فنحن أعلام الهدى، وسروج الظلمة، بنا يتحسن الإسلام، ويفرَّق بين الحلال والحرام، وتنفّذ الأحكام، وبنا تقام الفرائض وتثبت الحقوق، وتُحقن الدماء، وتستحل الفروج. فهلا إذا أعتب علينا أمير المؤمنين بشيء، لا ذنب فيه لنا، وقال بالغيظ بعض ما قاله، تأنيت بإبلاغنا رسالته بأهون من إفحامك وعرضت لنا بإنكاره، ففهمنا منك وأجبنا عنه، بما يجب. فكنت تزيّن على السلطان ولا تفشي سره. وتستحيينا قليلًا فلا تستقبلنا بما استقبلتنا به، فنحن نعلم أن أمير المؤمنين أيده الله، لا يتمادى على هذا الرأي فينا، وأنه سيراجع بصيرته في تعزيرنا. فلو كنا عنده على الحالة التي وصفتها عنه، - ونعوذ بالله من ذلك - لبطل عليه كل ما صنعه، وعقده وحله، من أول خلافته الى هذا الوقت. فما بت له كتاب حرب، ولا سلم، ولا بيع ولا شراء، ولا صدقة ولا حبس ولا هبة ولا عتق، ولا غير

ذلك، إلا بشهادتنا. هذا ما عندنا والسلام. ثم قام هو وأصحابه منصرفين، فلم يبعدوا الى باب القصر الأول، إلا والرسول خلفهم بصرفهم الى مواضعهم من بيت الوزراء. فلقوهم بالأعظام والاعتذار، مما كان من صاحبهم المخاطب

<<  <  ج: ص:  >  >>