للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لهم. وقال لهم: أمير المؤمنين يعتذر إليكم من موجدته، ويعلمكم بندمه على ما فرط منه، وأنه متبصر في أعذاركم. وقد أمر لكل واحد منك بصلة وكسوة علامة لرضاه عنكم. فدعوا له وأثنوا عليه، وانصرفوا أعزة. وبقي في صدر الخليفة من هذا الحُبس حزة. وبلغ ابن لبابة هذا الخبر على وجهه. فرفع الى الناصر أنه يغض من أصحابه الفقهاء، ويقول: إنهم حجروا عليه واسعًا. ولو كان حاضرهم لما سلف لأفتاه بجواز المعارضة، وتقلدها، وناظر عليها أصحابه. فوقع الأمر بنفس الناصر، وأمر بإعادة محمد بن لبابة هذا الى عادته من الشورى. ثم أمر القاضي بإعادة الشورى في هذه المسألة فاجتمع القاضي للنظر في الجامع. وجاء ابن لبابة آخرهم وعرفهم القاضي ابن بقي بالمسألة التي جمعهم لها، وغبطة المعاوضة فيها. فقال جميعهم بقولهم الأول، من منع إحالة الحبس عن وجهه، وابن لبابة ساكت. فقال له القاضي: ما تقول أنت يا أبا عبد الله؟ قال: أما قول إمامنا مالك بن أنس، فالذي قاله أصحابنا الفقهاء. وأما أهل العراق، فإنهم لا يجيزون الحُبُسَ أصلًا. وهم علماء أعلام، يهتدي بهم أكثر الأمة. وإذا بأمير المؤمنين من حاجة الى هذا المحشر ما به، فما ينبغي أن يرد عنه، وله في السنّة فسحة. وأنا أقول فيها بقول العراقيين، وإنفاذ ذلك رأيًا. فقال له الفقهاء: سبحان الله تترك قول مالك الذي أفتى به أسلافنا، واعتقدناه بعدهم وأفتينا به لا نحيد بوجه عنه؟ وهو رأي أمير المؤمنين ورأي الأئمة آبائه؟ فقال لهم محمد بن يحيى: ناشدتكم الله العظيم ألم تنزل بأحد منكم مسألة بلغت بكم أن أخذتم فيها بقول غير مالك في خاصة أنفسكم؟ وأرخصتم لأنفسكم في ذلك؟ قالوا بلى. قال: فأمير المؤمنين أولى بذلك،

فخذوا مأخذكم، وتعلقوا بقول من يوافقه من العلماء. فكلهم قدوة، فسكتوا. فقال للقاضي: إنْهِ الى أمير المؤمنين بفتياي. وكتب

<<  <  ج: ص:  >  >>