فاعتذر لها بقلة ذات يده، وأنه ما كان يملك إذ جاءه، قطعة يواسيه بها. وما اشترى ما اشترى إلا من كتان باعه. فقالت له: سخطي عليك، لتحملن ما جئت به على رأسك، الى دار أخيك. تكفّر ردك له، ففعل. وراوده الحكم على أن يأتيه بابنه أحمد، وهو يومئذ صغير، وأظهر له حب ذلك. وعزم عليه فيه. فقال: يا أمير المؤمنين أما الآن فلا يصلح لذلك. والآن: أراه ميتًا - وهو واحِدي - أحبّ إلي من أن يقول الناس هذا الشيخ المرائي، استجلب بولده دراهم السلطان. فأعفاه الحكم من ذلك. قال تلميذه، وقريبه قاسم بن أرفع رأسه: تركني أبي، وإخوتي في حجر أبي ابراهيم. فكفلنا وربّانا وعلّمنا. ففتح الله عليّ ببركته. فلم يكن في قلي أحد أعظم منه لي. كنت يومًا خارجًا الى صلاة العصر، إذ فتح بابه، فإذا به ورائي، يريد مثل ما أريده. فتوقفت حتى لحقني. فسلمت عليه. فردّ عليّ مغضبًا، وقال لي: يا قاسم، قط ما كان هذا تقديري فيك. فيا ليتني ثكلتك، ولم أرك صنعت ما صنعت. فقلت: وما هو يا سيدي؟ قال: خرجت من بيتك الى الله لتأدية فريضة. فبينا أنت في ذلك، وقعت عينك على مخلوق مثلك، يريد ما أردته، فحولت وجهك إليه، عن قبلتك، ووقفت حتى لحقك؟ فقلت: يا سيدي، أنا معذور في الهوى إليك، إذ حقك عليّ كوالدي. فقال: ما أريد أن تفعله به، ولا بي، فحق الله أحق من كل حق، لا تعد لمثله. وشاوره صاحب الرد في أصحاب السوق، يلتزمون الصلاة في دكاكينهم بإمام، ويتشاغلون عن حضور المساجد، وأن أكثر ذبّاحي المجازر اليهود. فأفتى بالمنع من جميع ذلك، وبإخراج اليهود من مجازر المسلمين. وكان يومًا في مجلسه يُقرأ عليه، وقد جعل بالطلبة، إذ جاءه خصي من قبل الحكم. فقال أجب