أمير المؤمنين فهو ينتظرك، وقد أُمرت بإعجالك، فالله، الله. فقال: سمعًا وطاعة، ولا عجلة. فارجع إليه وعرّفه عني، إنك وجدتني في بيت من بيوت الله، مع طلاب العلم يسمعون عليّ حديث ابن عمه رسول الله صلى
الله عليه وسلم. وليس يمكنني ترك ما أنا فيه، حتى يتم المجلس المعهود، فذلك أكرم، ثم أقبل على شأنه، ومضى الخصي ثم انصرف فقال له: عرَّفته قولك فهو يقول لك: جزاك الله خيرًا عن الدين، وعن أمير المؤمنين، عن جماعة المسلمين. فإذا أتممت فامضِ إليه راشدًا. فقد أُمرتُ أن أبقى معك مذكرًا. فقال له: أنا أضعف عن المشي الى باب الشدة، والركوب لشيختي صعب عليّ. وباب الصناعة يقرب إليّ. فإن رأى أمير المؤمنين أن يأمر بفتحه، لأدخل منه، هوّن على المشي، فإن ذلك إليه. وتعود. فمضى الفتى ثم رجع بعد حين، فقال: يا فقيه قد أجابك أمير المؤمنين الى ما سألت، ومن الباب خرجت. وجلس الخصي جانبًا، حتى أكمل أبو ابراهيم مجلسه. أفسح ما كان غير منزعج، وقام الى داره، فأصلح من شأنه، ومشى إليه، وقضى حاجته من لقائه. فلما انصرف، أعيد إغلاق الباب، كما كان. وذكر ابن مظاهر، أن الخليفة الحكم، استفتاه في غلبة نفسه، على وطء بعض جواريه في رمضان. فأفتاه بعض أصحابه بالإطعام، على اختيار مالك. فقال هو: لا أدري إلا الصيام. فإنما أمر مالك بالإطعام، لمن له مال، وأمير المؤمنين لا مال له، إنما هو مال المسلمين، فأخذ بقوله. وهذه الحكاية لا تصح جملة. لأن أمير المؤمنين في وقته ممن كان لا يغلب على هذا. وممن كان يدّعي لنفسه من الأموال المتملكة كثيرًا. وممن كان لا يحبس عليه أبو ابراهيم وطاء غيره. والحكاية معروفة ليحيى بن يحيى، وذُكرت عن غيره. وذكرناها. وكان عند الناصر إعذار لبعض ولد بنيه، احتفل في استدعاء وجوه الناس له. فلم يتخلف عنه أحد