للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لاتباع الناس أهل الرائاسة، والظهور. وقال الهمداني: لما دخل عضد الدولة بغداد وأتابها، استقبله جميع أهلها، وجميع أهل الرئاسة والعلم إلا الأبهري. فسأل عنه، وأرسل إليه رسوله بألفي درهم، وقال له: يقول لك الملك تفرق هذه الدراهم في أصحابك، ويقول لك: إنه لم يبق من أهل العلم ببغداد، من لم يأته سواك. فقال له الأبهري: أصلح الله الملك، أنا شيخ كبير السن، ضعيف البصر. وزوّج عضد الدولة ابنه، من بنت بعض ملوك الديلم، وأحضر جميع أهل بغداد وقضاتها، فلم يرَ الأبهري فيهم. فوجه إليه بعض وزرائه، يعزم عليه في حضور مجلسه، وإن احتاج الى محفة حمل فيها. فوصل إليه، فأخبره بعزيمة الملك، وأحضر له بغلة ومحفة يجلس فيها، ويحمل فيها إن لم يقدر يركب. فلما رأى العزيمة خرج متوكئًا على علي بن عمر بن القصار، وعبيد الله بن الحسن بن الجلاب، كبيري أصحابه، حتى أتى الدجلة والوزير يمشي بين يديه، يقرب إليه مركب، فعدل عنه الأبهري الى سمارية ركبها مع صاحبيه، ووصل القصر، فوجده محتفلًا، فجلس حيث انتهى به المجلس. فلما رأى الملك وزيره الموجه فيه، سأله، فأعلمه بوصوله، فقال له: قرّبه. فقرّبه، والملك وجميع الناس قيام إلا شيخًا من ملوك الديلم جالسًا بين يدي الملك. فأمر الملك الأبهري بالجلوس مع الشيخ. وقرئ كتاب الصداق، وأمر الملك بوضعه في كتاب الأبهري والشهادة فيه، ثم كتب الناس بعده. فلما تمت الشهادات أدخل الناس الى مجالس الطعام. قال الأبهري: فوجدت فرصة الى النهوض، فسلمت على الملك وانصرفت، ولم آكل لهم طعامًا. قال ابن فطيس: وجدت بخط الأبهري: الدين

عز، والعلم كنز، والحلم حرز، والتوكل قوة. ومن أخباره، قال: دخلت جامع طرسوس وجلست لسارية من سواريه، فجاءني رجل، فقال لي: إن كنت تقرأ فهذه حلقة القرآن، وإن كنت مقرئًا

<<  <  ج: ص:  >  >>