فاجلس يقرأ عليك، وإن كنت فقيهًا، فاجلس يحلق إليك، وإن كنت متفقهًا فهذه مجالس الفقه، قم إليها. فإن أحدًا لا يجلس في جامعنا دون شغل. ذكر الفقيه أبو مالك بن مروان بن مالك القرطبي، في كتابه عنه، أنه قال: اجتمعنا في جماعة من أهل العلم والصلاح، وقد تناظر رجل من أهل السنة مع رجل معتزلي، فطال بينهما الكلام، فجاء المساء، فلم يظهر أحدهما على صاحبه. فقال السنّي: هذا مجلس انقضى على غير فلح. وقد حضرنا قوم صالحون فلنخلص الدعاء للمحق منا، بأن يثبت الله تعالى القرآن في صدره، وينسيه المبطل. فدعونا. قال الأبهري: فأقرّ لي المعتزلي بعد ذلك أنه نسي القرآن، حتى كأنه ما رآه قط. وحكى البرقاني عنه: كنت جالسًا عند يحيى بن صاعد المحدّث، فجاءته امرأة، فقالت له: أيها الشيخ، ما تقول في بئر سقطت فيه دجاجة، فماتت. هل الماء طاهر أو نجس؟ فقال لها يحيى: ويحك كيف سقطت فيه؟ قالت: لم يكن عليه غطاء. فقال: ألا غطيتها حتى لا يقع فيها شيء. قال الأبهري: فقلت لها: يا هذه إن لم يكن الماء تغير فهو طاهر. فهِم من الشيخ الحيرة في الجواب، لأنه كان صاحب حديث، ولم يكن فقيهًا. قال الوهراني: سألت الأبهري عن سنه، فقال لي: قال مالك ﵁: سؤال الشيوخ عن أسنانهم من السفه. قال الحربي: جاء رجل الى أبي بكر الأبهري، يشاوره في السفر، فأنشد ﵀:
متى تحسب صديقك لا يقلّوا … وإن تَخبُر يقلّوا في الحساب
وتركك مطلب الحاجات عزّ … ومطلبها يذل عتا الرقاب
وقرب الدار في الإقتار خير … من العيش الموسع في اغتراب