للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تأهب للنظر له؟ فأما من أعرض عنه، وكان في الأمكنة التي لا يرى القمر منها فلا يراه. فقال: هو كما قلت. ما يدفعك عنه دافع. وإنما الكلام في الرواة الذين نقلوه. وأما الطعن في غير هذا الوجه، فليس بصحيح. فقال الملك: وكيف يطعن في النقلة؟ فقال النصراني: شبه هذا من الآيات، إذا صح، وجب أن ينقله الجم الغفير، الى الجم الغفير، حتى يتصل بنا العلم الضروري به، ولو كان كذلك، لوقع إلينا العلم الضروري به. فلما لم يقع لنا العلم الضروري به، دلّ أن الخبر مفتعل باطل. فالتفت الملك إليّ وقال: الجواب. قلت: يلزمه في نزول المائدة، ما يلزمني في انشقاق القمر، ويقال له لو كان نزول المائدة صحيحًا، لوجب أن ينقله العدد الكثير، فلا يبقى يهودي ولا نصراني ولا ثنوي إلا ويعلم هذا بالضرورة. ولما لم يعلموا ذلك بالضرورة، دلّ أن الخبر كذب. فبهت النصراني والملك، ومن ضمه المجلس. وانفض المجلس على هذا.

قال القاضي: ثم سألني الملك في مجلس ثانٍ، فقال: ما تقولون في المسيح عيسى بن مريم ؟ قلت روح الله، وكلمته، وعبده، ونبيه، ورسوله. كمثل آدم خلقه من تراب، ثم قال له: كن، فيكون. وتلوت عليه النص. فقال: يا مسلم تقولون: المسيح عبد، فقلت: نعم، كذا نقول، وبه ندين. قال: ولا تقولون إنه ابن الله؟ قلت: معاذ الله، ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من إله الآيتان، إنكم لتقولون قولًا عظيمًا. فإذا جعلتم المسيح ابن الله، فمن أبوه وأخوه وجده وعم وخاله. وعددت عليه الأقارب، فتحيّر وقال: يا مسلم، العبد يخلق، ويحيي ويميت ويبرئ الأكمه والأبرص؟ قلت: لا يقدر العبد على ذلك وإنما ذلك كله من فعل

<<  <  ج: ص:  >  >>