للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الله ﷿. قال: وكيف يكون المسيح عبدًا لله وخلقًا من خلقه، وقد أتى بهذه الآيات، وفعل ذلك كله؟ قلت: معاذ الله ما أحيى المسيح الموتى ولا أبرأ الأكمه والأبرص. فتحيّر وقلّ صبره، وقال: يا مسلم، تنكر هذا مع اشتهاره في الخلق، وأخذ الناس له بالقبول؟ فقلت: ما قال أحد من أهل الفقه والمعرفة، إن الأنبياء ، يفعلون المعجزات من ذاتهم. وإنما هو شيء يفعله الله تعالى على أيديهم، تصديقًا لهم، يجري مجرى الشهادة. فقال: قد حضر عندي جماعة من أولاد نبيّكم، وأهل دينكم المشهورين فيكم، وقالوا، إن ذلك في كتابكم. فقلت: أيها الملك، في كتابنا أن ذلك كله بإذن الله، وتلوت عليه منصوص القرآن في المسيح: بإذن الله وقلت: إنما فعل ذلك كله بإذن الله وحده لا شريك له، لا من ذات المسيح. ولو كان المسيح يحيي الموتى ويبرئ الأكمه والأبرص من ذاته، لجاز أن يقال: موسى، فلق البحر، وأخرج يده بيضاء من غير سوء من ذاته. وليست معجزات الأنبياء من ذاتهم وأفعالهم، دون إرادة الخالق. فلما لم يجز هذا، لم يجز أن تسند المعجزات التي ظهرت على يد المسيح إليه. فقال الملك: وسائر الأنبياء كلهم من آدم، الى من بعده كانوا يتضرّعون للمسيح، حتى يفعل ما

يطلبون. قلت: أوَفي لسان اليهود عظم، لا يقدرون أن يقولوا إن المسيح كان يتضرّع الى موسى؟ وكل صاحب نبي يقول: إن المسيح كان يتضرع الى نبيه، فلا فرق بين الموضعين في الدعوى. قال القاضي : ثم تكلمنا في مجلس ثالث فقلت له: أتحد اللهوت بالناسوت؟ قال: أراد أن ينجي الناس من الهلاك. قلت له: درى بأنه يقتل ويصلب ويفعل به كذا ولم يؤمن به اليهود؟ فإن قلت إنه لا يدري ما أراد اليهود

<<  <  ج: ص:  >  >>