أصابه - بالقاف - فنظر ابن العطار لخطابه ولم يكن يصبر عليها لشرهه. فاستطر بذكر حكاية من ذلك المعنى فلقنه بعينه - على الصواب - ففطن ابن أبي عامر لمراده وقال: لو علمنا سقوط الهيبة لاشترطنا حسن المجالسة، يدخل مَن على الباب من أرباب اللغة، فإذا بصاعد قد مثل فسأله، وقد كان الأمر ألقي إليه، فقال: يقال بالقاف والفاء والقاف أشهرهما فأخذ ابن أبي عامر حجة، وأقبل على توبيخ ابن العطار وتبكيته، وأمر بإخراجه، ومكن منه أعداءه، فقاموا في ذلك وحمل ابن زرب على كشف معايبه، الشاهد بما عندهم. فأتوا من ذلك بما أراده، إلا قومًا منهم ابن المكوى، وابن صاعد فأبوا ذلك وأنكروه. وسجل شهادتهم تلك وقد حوت عظائم من الجرح، اقتضت إسقاطه عن الشورى، والشهادة، وأمضى ذلك ابن أبي عامر عليه وأوعد عليه بالانقباض عن الناس وإغلاق بابه. فجرى عليه مكروه عظيم ولم يزل ابن المكوى يذكر ما جرى عليه، ويتشنع ما شهد به عليه فيه، حتى غمص ابن زرب بسببه وقال: رفعه لغير الله ووضعه لغير الله. وقال حين دعي للشهادة: ما أعلم فيه جرحة أشهد بها، مع أنه كان يؤذيني في مجالس الشورى بلسانه. ولما نفذ السجل عليه كتب الى المنصور ابن أبي عامر:
بالله والحاجب المنصور أعتصم … من حاسد وبنصر الله أنتقم
الظلم فيما رويناه ونعلمه … يوم الحساب على أربابه ظلم
والإفك والبغي معدولان عن رجل … له حشاشة دين أو له كرم
هل من رأى عجبًا مثلي ومثلهم … بأن تعاور الغربان والرخم
وما لنا عندهم ذنب سوى حسد … نيرانه داخل الأحشاء تضطرم