للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيجد ما يرغب فيه من سماعاته حتى يبلغ غرضه لما وقع في نفسه من اخفاق رغبته وتعطيل رحلته فشكره على ذلك، وسمع عليه الصحيحين والمؤتلف والمختلف، ومشتبه النسبة لعبد الغني بن سعيد الأزدي القدمي المتوفى سنة ٤٠٩ وكتاب الشهاب في المواعظ والآداب في علم الحديث للقضاعي المصري المتوفى سنة ٤٥٤، وأجاز له جميع مروياته، ولقي في رحلته هذه أعلام الأندلس المهاجرين إلى المشرق فاجازوا له تأليفهم ومروياتهم، وكذلك علماء المشرق فكان منهم: أبو علي الغساني، وأبو عبد الله الخولاني، وأبو بكر الطرطوشي وأبو الطاهر السلفي. ثم عاد إلى سبتة وجلس للتدريس، وكتب إليه أثناءها من المشرق أبو نصر النهاوندي يستجيزه، وأبو عبد الله المازري من المهدية أيضاً، وكتب هو يستجيز الزمخشري وقد انقطع إلى العبادة وترك الدنيا فرفض أن يجيزه، فقال الحمد لله الذي لم يجعل لصاحب بدعة علي يداً. وفي سنة ٥١٥ ولي قضاء سبتة، فسار فيها أحسن سيرة، محمود الطريقة، مشكور الحالة، أقام الحدود على ضروبها واختلاف أنواعها، وأنشأ رباطاً للعباد في جبل المنيا، كما زاد في بناء جامع سبتة، وطار صيته فاستدعاه تاشفين إلى غرناطة واسند له قضاءها، فسار فيها أحسن سيرة لا تأخذه في الحكم بالعدل لومة لائم، وضرب على أيدي العابثين من المقربين إلى السلطان، فاشتكوا منه إلى تاشفين، وكثر المتذمرون عنده ممن أصيبوا في نفوذهم من أهل الباطل، فضاق به ذرعاً وأقاله من منصبه، فرجع إلى سبتة وتولى قضاءها ثانية، وذلك سنة ٥٣٩، فسار سيرته المعهودة، وفرح به أهل بلده وبعد صيته، وقصده كثير من طلبة العلم يأخذون عنه سواء عندما كان بالأندلس أو عندما رجع إلى سبتة، ومن أشهر تلاميذه الاندلسيين أبو جعفر احمد بن عبد الرحمن بن مضاء اللخمي. قال ابن بشكوال في الصلة: قدم الأندلس طالباً للعلم، فأخذ بقرطبة عن القاضي أبي عبد الله محمد بن علي بن حمدين وأبي الحسين بن سراج بن عبد الملك ابن سراج، وعن شيخنا أبي محمد بن عتاب وغيرهم، واجاز له أبو علي

<<  <  ج: ص:  >  >>