للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الغساني ما رواه، وأخذ عن القاضي أبي علي حسين بن محمد الصدفي وعن غيره، وعني بلقاء الشيوخ والأخذ عنهم، وجمع من الحديث كثيراً، وله عناية كبيرة به، واهتمام بجمعه وتقييده، وهو من أهل التفنن في العلم والذكاء واليقظة والفهم. واستقضي ببلده مدة طويلة حمدت سيرته فيها، ثم نقل عنها الى قضاء غرناطه فلم يطل أمده بها، وقدم علينا قرطبة في ربيع الآخر سنة احدى وثلاثين وخمسمائة فأخذنا عنه بعض ما عنده.

ثم كتب إلى القاضي أبو الفضل بخطه، يذكر أنه ولد في منتصف شعبان من سنة ست وسبعين وأربعمائة، وتوفى بمراكش مغرباً عن وطنه وسط سنة أربع وأربعين وخمسمائة. وقال الذهبي في تذكرة الحفاظ (١): الحافظ عالم المغرب، صنف التصانيف التي سارت بها الركبان.

وقال ابن الآبار في معجم أصحاب الصدفي: وكان لا يدرك شأوه ولا يبلغ مداه في العناية بصناعة الحديث وتقييد الآثار وخدمة العلم مع حسن التفنن والتصرف الكامل في فهم معانيه الى اضطلاعه بالأدب وتحققه بالنظم والنثر ومهارته بالفقه، وبالجملة فكان جمال العصر ومعجز الافق وينبوع المعرفة ومعدن الافادة، واذا عدت رجالات المغرب فضلاً عن الاندلس حسن فيهم صدراً.

وقال أبو عبد الله محمد الأمين الصحراوي نزيل مراكش في كتابه المجد الطارف والتالد: مقام عياض مثل مقام البخاري والأئمة الأربعة، فهم حملة الشريعة وعلومهم التي يبثونها في صدور الرجال بالتلقين والتأليف … دبوا عن الشريعة بسيوف علومهم فبقيت علومهم خالدة تالدة الى الأبد، وكم من ولي الله كان معهم وبعدهم بكثير، كان لهم تلاميذ وأوراد وانقطعت تلك الأوراد وباد المريدون بمرور الازمان، وأئمة العلم لا زالوا بعلومهم كأنهم أحياء، وكل من استفاد مسألة علمية فهم أشياخه الى يوم القيامة.


(١) النشرة الثالثة ج ٤، ١٣٠٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>