فلما حج المهدي وقدم المدينة أتاه الربيع بعد ذلك فقال له أمير المؤمنين يقرؤك السلام ويجب أن تعادله إلى مدينة السلام.
فقال مالك اقرئ أمير المؤمنين السلام وقل له: قال رسول الله ﷺ والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون.
والمال عندي على حاله أخرجيه يا جارية.
أخرجيه.
فأبى الربيع أن يقبله فلم يزل به مالك حتى أخذه فأتى الربيع المهدي فغمه رد المال فلما كان وقت رحلته شيعه الناس فوصلهم ووجه إلى مالك فودعه ولم يأمر
له بشيء فلما أتى منزله وجه له ستة آلاف دينار.
فالتفت إلى من كان حاضرًا وقال من ترك شيئًا لله عوضه الله خيرًا مما ترك.
وقال لمالك بعض ولاة المدينة: لم لا تخضب كما يخضب أصحابك؟ فقال مالك لم يبق عليها من العدل إلا أن أخضب؟ وأثني على والي المدينة بحضرته عند مالك فغضب مالك.
ثم التفت إليه وقال إياك أن يغرك هؤلاء بثنائهم عليك، فإن من أثنى عليك وقال فيك من الخير ما ليس فيك أوشك أن يقول فيك من الشر ما ليس فيك فاتق الله في التزكية منك لنفسك وترضى بها من يقولها لك في وجهك فإنك أنت أعرف بنفسك منهم.
فإنه بلغني أن رجلًا امتدح رجلًا عند النبي ﷺ فقال له النبي ﷺ قطعتم ظهره أو عنقه لو سمعها ما أفلح.
وقال النبي ﷺ احثوا التراب في وجوه المداحين وناظر أبو جعفر المنصور مالكًا في مسجد النبي ﷺ فرفع أبو جعفر صوته، فقال له مالك يا أمير المؤمنين لا ترفع صوتك في هذا المسجد إن الله تعالى أدب قومًا فقال: لا ترفعوا أصواتكم في هذا المسجد إن الله تعالى أدب قومًا فقال: لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ﷺ. . . .
الآية ومدح قومًا فقال إن الذين يغضون أصواتهم. . . .
الآية.
وذم قومًا فقال: إن الذين يناودنك. . . .
الآية وإن حرمته ميتًا كحرمته حيًا.
فاستكان أبو جعفر وقال له أبو جعفر أدعو مستقبلًا القبلة أم مستقبلًا رسول الله ﷺ.
فقال ولم تصرف وجهك عنه وهو وسيلتك ووسيلة أبيك آدم إلى الله تعالى