والبصرة والكوفة، وكان من رواة العلم وكان أهلًا لذلك، كتب عن الصغار والكبار، وما أقل سقطه. كان يحدث من كتاب، قال ابن وضاح: كان ابن المبارك يروي نحوًا من خمسين وعشرين ألف حديث. وقيل له إلى متى تطلب العلم؟ قال أرجو أن تروني فيه إلى أن أموت. وذكر أبو عمرو في كتابه في طبقات المقرئين، وذكر أنه يقرأ بالاختلاف: إن ابنك سرق.
وقال يحيى الليثي أقبل يومًا إلى مالك رجل عليه سمت حسن: فكنت أراه، يعني مالكًا، يقول له: هاهنا. ثم تزحزح له في مجلسه، وما رأيته تزحزح لأحد غيره. فأجلسه في جواره، وكان ربما سأل مالكًا عن المسألة فيجيب فيها ثم يميل إلى الرجل ويقول له: ما يقول أصحابك فيها؟ فيقول الرجل جوابًا خفيًا لا نسمعه ولا نفهمه، فرأيته فعل ذلك أيامًا، فأعجبني أدب الرجل، ولم أره يسأل عن شيء حتى انصرف كان يجيز بما سمع. فقال لنا مالك: هذا ابن المبارك فقيه خراسان. وصلى ابن المبارك يومًا إلى جنب أبي حنيفة أتريد أن تطير؟ فقال: لو شهيت لطرت في الأولى. وكان يقول الزاهد الذي إذا أصاب الدنيا لم يفرح، وإذا فاتته لم يحزن. وقال ابن شاهين: حضر ابن المبارك عند حماد بن زيد مسلمًا عليه، فذهب أصحاب الحديث إلى حماد أن يسأل ابن المبارك أن يحدثهم. فقال ابن المبارك: يا سبحان الله أحدث وأنت حاضر. قال: أقسمت عليك لتفعلن أنحوه. فقال: حدثنا أبو إسماعيل حماد بن زيد وما حدثهم بحرف إلا عنه، وكان ابن المبارك يقول أول العلم النية، ثم الاستماع ثم الفهم ثم العمل ثم الحفظ ثم النشر. ويقال أنه كان يحج عامًا ويغزو عامًا لا يمر بمدينة إلا قال لمشيختها من أهل العلم والإقلال: ليخرج معي من أراد الحج، نكفيهم مؤونتهم. ويفعل مثل ذلك إذا أغزى.