ابن المبارك وسافر معه، فورد على ابن المبارك رجل في منزله فحدثه ابن المبارك بحديث كثير فوجد الفتى في نفسه فكتب إليه:
كنت زوارًا لكم في أرضكم … وأنا اليوم رفيق في السفر
ذان حقان عظيمان معًا … ليس كالطير الذي جاء فمر
فكتب ابن المبارك رحمه الله تعالى:
غاية الصبر لذيذ طعمها … ورديء الذوق منه كالصبر
إن في الصبر لفضلًا بينًا … فاحمل النفس عليه تصطبر
وقال أيضًا رحمه الله تعالى:
كل عيش قد أراه نكدًا … غير ركن الرمح في ظل الفرس
وقيام في ليال دجن … حارسًا للناس في أقصى الحرس
وجاء رجل إلى ابن المبارك فقال له: رضي الله عنك صف لي الوالهين بالله فقال
هم كما اقول لك:
مستوفدين على رحل كأنهم … ركب يريدون أن يمضوا وينتقلوا
عفت جوارحهم عن كل فاحشة … فالصدق مذهبهم والخوف والوجل
وسأله آخر عن صفة الخائفين فقال:
إذا ما الليل أظلم كابدوه … فيسفر عنهم وهم ركوع
أطار الخوف نومهم فقالوا … وأهل الأمن في الدنيا هجوع
لهم تحت الظلام وهم سجود … أنين منه تنفرج الضلوع
وخرس بالنهار لطول صمت … عليهم من سكينتهم خشوع