للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كزياد حتى أكفى أهل الرغبة في الدنيا. ثم أمنه فرجع إلى قرطبة، وكان هشام يقول: بلوت الناس فما رأيت رجلًا يكتم من الزهد أكثر مما يظهر إلا زيادًا. وذكر يحيى بن إسحاق أن هشامًا لما ولي قيل له: لا يعتدل ما تريد، إلا بتولية زياد على القضاء. فبعث إليه فتمنع، فألح هشام عليه، فقال للوزراء: أما إذا عزمتم فأخبركم بما ابتدأ به، على المشي إلى مكة إن وليتموني إ، جاءني أحد متظلمًا منكم إلا أخرجت من أيديكم ما يدعيه، ورددته عليه وكلفتكم البينة، لما أعرف من ظلمكم. فتركوه وأشاروا بإعفائه فعوفي، فقيل ليحيى بن يحيى أهو وجه القضاء؟ قال: نعم، فيمن عرف بالظلم والقدرة. وكان الأمير هشام يؤثر زيادًا ويكرمه ويسهم إليه ويخلو به ويسائله عما يعن إليه من أمور دينه. فيأخذ برأيه ويبالغ في بره، ويدفع إليه المال يتصرف به، وربما اجتاز به ليلًا فيخرج إليه ويسلم عليه ويحادثه.

وذكر الصدفي: أنه عرض عليه أخذ مال ليفرقه فأبى. وذكر أنه حضر عنده يومًا غضب فيه على خاصة له، أوصل إليه كتابًا كرهه، فأمر بقطع يده، فقال زياد: أصلح الله الأمير. فإن مالك بن أنس حدثني في خبر رفعه إلى النبي ، إن من كظم غيظًا يقدر على إنفاذه ولاه الله أمنًا وإيمانًا يوم القيامة. فسكن غضب الأمير، وقال له: أحسنت. إن مالكًا حدثك به. فأمر الأمير أن يمسك عن يد الخادم، وعفا عنه. وذكر أن زيادًا راكب الأمير الحكم، وقد أردف زياد ولده خلفه، منصرفين من جنازة ووصل محادثته الأمير إلى أن وصل القنطرة، فسمع المؤذن فقطع

<<  <  ج: ص:  >  >>