البازي سيد الطير والجوهر العلم، هذا عالم أمرت أن تأخذ من علمه وإن تأتيه. وفي حديث أصبغ: العقاب سيد الطير، والعالم سيد الناس، ولئن صدقت رؤياك لترثن علم عالم، فاتق الله يا عبد الرحمن. فأمرني أن اخرج إلى مالك وألزمه. فخرج إلى مالك وسمع منه ولازمه، وفي رواية، أنه قال له: لعلك حدثت نفسك بشيء من طلب العلم؟ قلت: نعم. قال: فمن ذكرت؟ قلت: مالكًا. قال هو بازيك الذي صدت. قال ابن القاسم: كنت أسمع من مالك كل يوم غلسًا إذا خرج من المسجد ثلاثة أحاديث، سوى ما أسمع مع الناس معه بالنهار. وفي رواية: كنت آتي مالكًا غلسًا، فأسأله عن مسألتين ثلاثة أربعة، وكنت اجد منه في ذلك الوقت انشراح صدر، فكنت آتي كل سحر، فتوسدت مرة في عتبته فغلبتني عيني، فنمت وخرج مالك إلى المسجد فلم أشعر به، فركضتني سوداء له برجلها وقالت لي: ان مولاك قد خرج ليس يغفل كما تغفل أنت، اليوم له تسع وأربعون سنة ما صلى الصبح إلا بوضوء العتمة. ظنت السوداء انه مولاه من كثرة اختلافه إليه. وفي جزء آخر أنخت بباب مالك سبع عشرة سنة، ما بعت فيها ولا اشتريت شيئًا. قال: فبينما انا عنده إذ أقبل حاج مصر، فإذا شاب متلثم دخل علينا فسلم على مالك. فقال أفيكم ابن القاسم؟ فأشير إلي فاقبل يقبل عيني ووجدت منه ريحًا طيبة، فإذا هي رائحة الولد وإذا هو ابني، وكان ترك أمه به حاملًا، وكانت ابنة عمه، وكان اسمع عبد
الله، وكان خبر أمه عند سفره لطول إقامته فاختارا البقاء، ولم يذكر الناس عبد الله بن عبد الرحمن بن القاسم هذا في ولده،