يعرفه وطلب من يعدله لخموله وانقباضه. فخرج وهو يقول بل الله يزكي من يشاء. حتى عرف به، فلما عرف له، حكم بشهادة ويمين الطالب وكان عراقيًا لا يرى ذلك ولكنه فعل لفضل ابن القاسم. وقيل بل شهد عند
بعض القضاة، فقال القاضي: الاسم عدل ولا أعرف العين. فجئني بمن يعنيها، إذ كان لا يداخل القضاة. قال: وإنما كان مشتغلًا بالعبادة والعفاف. قال سحنون: وكان مالك معلم ابن القاسم في العلم، وكان معلمه في العبادة سليمان بن القاسم. وقال ابن القاسم فيهما: رجلان أقتدي بهما في ديني، سليمان في الورع، ومالك في العلم. وذكر أن بعض سياسي مصر أراد أن يزوجه ابنته وينقد عنه ويتكلف مؤونته، فقال: حتى أشاور. فشاور عمه سليمان بن القاسم. فقال له: تحب أن يخدمك الخصيان وتلبس الخز وتركب الخيل ويراح عليك غدوة وعشية بالجفان؟ قال: لا. فقال له فلم تشغل نفسك بمال فلان! فترك ذلك. قال أسد: كان ابن القاسم يختم في كل يوم وليلة ختمتين فنزل لي حين جئته عن ختمة رغبة في إحياء العلم. وقال يحيى بن يحيى، وقيل له: بلغنا أنه ابن القاسم كان لا يأكل من حنطة مصر. فقال: كذبوا ما كان يأكل هو ومالك إلا منها. ولقيت ابن القاسم مقبلًا في سوق مصر ومعه حمال بطعام، فسألته، فقال: طعام اشتريته، فأدخلت يدي فيه لابصره، فغذا هو كثير الغلث فقلت له: فهل كان أطيب من هذا؟ فقال: لا ياابا محمد، إني رضيت باليسير، ما يكفيني في الدنيا، فاستجزيت به. قال يحيى ولو أراد ابن القاسم أن يحمله له كبراء أهل مصر على ظهورهم لفعلت.