أحرس لك هذه الأمانة فنم آمنًا، فكنت إذا استيقظت نظرت إليه يجول حوالينا. كان دأبه ذلك ثلاثة ليال حتى مضى من مصر إلى الإسكندرية وقال يحيى بن يحيى: خرج ابن القاسم إلى بعض صحارى مصر فعطش، وكان بعض ملوكها خرج متنزهًا فبينما هو يسير إذ وقفت دوابه فلن تنطلق، فضربت فلم تنهض. فقال لمن معه، هذا الأمر فانظروا، فنظروا. فقالوا: هذا شخص. فقال: سلوه، فسألوه. فقال: عطشت. فسقوه. فانطلقت الدواب.
قال عيسى بن دينار: وكنت بالإسكندرية مع ابن القاسم في الرباط ومعه رجل كان يألفه، فينما نحن في السفينة ليلة سبع وعشرين من رمضان، إذ قال رجل من أهل السفينة أخبرك بشيء عظيم رأيت في نومي ساعتي هذه. فأخبره، فقال لصاحبه: إن كان ما قال حقًا فهي ليلة القدر. وذكر أن علامة ذلك عذوبة ماء البحر، ومالا إلى صدر السفينة، فرأيتهما يشربان ثم استقبلا القبلة، فقمت فأتيت الموضع الذي آتياه فشربت فوجدته عذبًا. قال الحارث: كان ابن القاسم لا يقبل جوائز السلطان،
وكان يقول: ليس في قرب الولاة ولا في الدنو منهم خير. وكان أولًا يأتيهم، ثم ترك ذلك. قال ابن وضاح، كان ابن القاسم لا يجالسه إلا واحد، أو اثنان. ولم يكن فيه منفعة للناس، ولا لأبويه ولا ابنيه ولا نفسه في شيء من أمور الدنيا إلا بالعلم. وكان أشهب وابن وهب يقعدان في جماعة. وتنقضي عندهما الحوائج، وينفعان الناس. قال سحنون: كثيرًا ما كنت اسمعه يقول إياك ورقّ الأحرار. فيسأل فيقول كثرة الإخوان. ولم يكن