للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

استعن بها على بنائك. فقال له بعض ولده: أتاك يشاورك فأعطيته. قال لست ببناء وإنما تعرض لمعروفي. ولما ثار الجند على زيادة الله أغاروا على منازل ابن أبي حسان، وانتهبوها وطلبوه فاستخفى، وكان سيء الرأي فيهم، فقال شعرًا منه:

أباح طغام الجند جهلا حريمنا … وشقوا عصا الإسلام من كل جانب

وعاشوا وثاروا في البلاد سفاهة … وظنوا بأن الله غير معاقب

وما عجب بعض الأعاجم ضلّة … نزارا وقحطان الكرام المناسب

ولكن من قوم إلينا اعتزاؤهم … فبغضاؤهم فيها لإحدى العجائب

ولما اشتد طلبهم له لجأ ابن أبي حسان إلى من بالسّوس من قومه يحصب، من جملة الجند الجائرين. ومتّ إليهم بالنسب واستجار بهم، فأجاروه، وأمنوه. فما ظفر زيادة الله بعد بالقيروان، جمع العلماء فسألهم في حال الجند القائمين علي، فعرّفوه ما في العفو، ورغبوه فيه. فقال ابن أبي حسان: العفو مفسدة، ولن يلدغ المؤمن من جحر مرتين. ويقال بل أنشد:

من لم يؤدبه الجميل … ففي عقوبته صلاحه

فقال أبو محرز القاضي، وقال غيره: العفو أقرب للتقوى. وقال لابن أبي حسان: من أجل شويهاتك أو رمنكاتك، تستحل دماء المسلمين. ووجد هؤلاء الكوفيون أعداؤه السبيل إلى التشنيع عليه، عند الجند والعامة بهذه الكلمة. فحفظت عليه وسقط بها. وقيل وعمد كل من سمع منه علمًا

<<  <  ج: ص:  >  >>