أرى الشوق يدعوني إلى من أوده … وللشوق داع مسمع ومجيب
سقى الله أكناف المدينة أنه … يحل به شخص إليَّ حبيب
وإني وإن شطت بي الدار عنهم … إليهم لمشتاق الفؤاد طروب
وقائلة ما بال جسمك شاحبًا … وأهون ما بي أن يكون شحوب
فقلت لها في الصدر مني حرارة … تقطع أنفاسي لها وتنوب
إذا ما تذكرت الحجاز وأهله … فللعين من فيض الدموع غروب
وأنشد له أبو عمر الكندي:
ولما رأيت البين منها فجاءة … وأهون للمكروه أن يتوقعا
ولم يبق إلا أن يشيِّع ظاعنا … مقيم وتذري عبرة أن تودعا
نظرت إليها نظرة فرأيتها … وقد أبرزت من جانب الخدر إصبعا
وذكر عن هارون أنه قال: أنشدتها لعبد الملك ابن الماجشون ونسبتها إلى رجل من بني قيس، فقال: احسن والله. فقلت أنا والله قلتها في طريقي إليك. فقال قد عرفت فيها اللين حين أنشدتها. وأنشد له القاضي وكيع قصيدة كثيرة الحكم والوصايا، أولها:
أمسى مشيبك في المفارق شائعا … ورددت من عهد الشباب ودائعا
وتركت وصل الغاتيات وطالما … عاصيت فيهن العواذل طائعا
ولقد لبست من الشباب غضارة … ونضارة لو كان ذلك رايعا
أزمان تصغي للصباوحديثه … سمعًا يميل إلى الغواية سامعا
فدع الغواني والشباب وذكره … كم موضع في الغي أصبح نازعا