للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان الأمير عبد الرحمان بن الحكم يبجله، بتبجيله الأدب، ولا يرجع عن قوله، ويستشيره في جميع أمره، وفيمن يوليه ويعزله، فلذلك كثر القضاة في مدته. وكان يفضل بالعقل على علمه، وألح عليه الأمير عبد الرحمان في ولايته القضاء، فأبى عليه. فوكل عليه من يقعده في الجامع، وقال للناس: هذا قاضيكم. فأبى على الحكم. فقال له يحيى: إن المكان الذي أنا فيه أنفع وخير لكم مما تريدون. إنّا إذا تظلم الناس من قاض أجلستموني، فنظرت لكم في أحكامه. وإن كنت قاضيًا فتظلم مني كما يتظلم من القضاة من تقعدون ينظر في أحكامي؟ فكفوا عنه. قال ابن لبابة: فقيه الأندلس عيسى بن دينار، وعالمها ابن حبيب، وعاقلها يحيى بن يحيى. قال الشيرازي: إليه انتهت الرئاسة بالأندلس في العلم. وكان مالك يعجبه سمت يحيى وعقله. روي عنه إنه كان عنده يومًا جالسًا في جملة أصحاب مالك، إذ قال قائل: قد حضر الفيل. فخرج أصحاب مالك كلهم لينظروا إليه. فقال له مالك لِمَ لم تخرج فتراه، إذ ليس بأرض الأندلس. فقال له يحيى: إنما جئت من بلدي، لأنظر إليك، وأتعلم من هديك وعلمك، لا إلى أن أنظر إلى الفيل. فأعجب به مالك وسماه العاقل. قال أبو عمر بن عبد البر: كان يحيى إمام بلده المقتدى به، المنظور إليه، المعول عليه. وكان ثقة عاقلًا، حسن الهدي والسمت يشبَّه سمته بسمت مالك. ولم يكن له تبصر بالحديث. قال إبراهيم بن باز:

<<  <  ج: ص:  >  >>